عزيزة المانع - عكاظ السعودية من المخجل أن يكون من ضمن الانتقادات التي وجهت لملتقى المثقفين الثاني أنه أتى بالكهول والشيوخ ولم يكتف بالشباب الناهضين. لقد كان من السطحية بمكان أن يؤدي الغضب من عدم إشراك عدد أكبر من العناصر الشابة في الملتقى، إلى جعل مشاركة الكبار في السن، أحد أبرز عيوب الملتقى!! أحد القراء الظرفاء بعث إلي برسالة تهكمية على تلك الانتقادات التي أطلقت اعتراضا على مشاركة الكبار سنا في الملتقى، بدأها بقوله: «في الملتقى الأخير تنوعت التهم المتبادلة بين المثقفين، البعض منهم يتحدث عن إقصاء الشباب وأن السواد الأعظم من المشاركين في الملتقى كانوا من كبار السن إلى درجة أن حبوب الضغط والسكر والأسبرين المسيل للدم والمانع للجلطات كانت تزين الطاولات بدلا من الورود والزهور، وأن سعال كبار السن حال دون الاستماع إلى المشاركات، كما أن الحاضرين كانوا يتعثرون عند المرور والدخول والخروج بسبب انتشار عربات الكبار». قارىء آخر بعث برسالة مختلفة فهو يقول: «بعض العواجيز ينتقدون ملتقى المثقفين لأنهم لم يدعوا إليه، هم يرون في عدم دعوتهم عيبا كبيرا وقصورا عظيما في الملتقى، كيف تكون ثقافة في البلاد لا يكونون هم بين عناصرها!! تخيلي يادكتورة نوع الثقافة التي سيضيفها للملتقى هؤلاء الكبار؟ ماكفاهم أنهم سيطروا على الساحة الثقافية طيلة الأعوام الماضية جايين اليوم يطالبون بالمزيد. هل تتوقعين أن يكون لديهم جديد حتى يغضبوا عندما لايدعوهم أحد؟ !!» في رسالة ثالثة، يقول صاحبها: «في السابق كانت الانتقادات توجه للملتقيات والندوات الثقافية حول عدم إشراك المرأة في النشاط الثقافي، اليوم بعد أن أقحمت المرأة نفسها في عالم الثقافة، بتنا نرى الانتقادات تتحول لتصب في الاتهام بإقصاء الشباب عن الملتقى واستيلاء الكبار عليه، أي أن المعركة الآن انتقلت إلى ميدان آخر، ميدان يحتدم فيه القتال بين العجائز والشباب حول الاستيلاء على المنصة!! ألا يستطيع هؤلاء المثقفون أن يعيشوا متصالحين فيما بينهم بلا معارك؟» ما يتحدث عنه هؤلاء القراء يدفع بنا إلى التأمل في مفهوم العمل الثقافي لدى بعض الناس وما يدركونه من معايير النجاح والفشل، البعض لا يعطي لمضمون العمل الثقافي ذاته انتباها خاصا في معايير النجاح والفشل، فالتركيز ينصب على الجوانب الشكلية التي منها جنس المشاركين وسنهم، لذلك يجعل البعض نجاح الملتقيات والندوات مرتبطا بدرجة ما فيها من مشاركات للمرأة أو للشباب وما قدم فيها من خدمات لوجستية غير مكترثين لنوعية ما طرح من مضمون. بيد أن قياس نجاح أي ملتقى ثقافي لا ينبغي أن يكون مقرونا بجوانبه الشكلية وحدها، وإنما بمقدار ما يضيفه المشاركون إلى جسد الثقافة من نمو وفكر ومعرفة، بصرف النظر عن المصدر الذي جاءت منه، رجل هو أو امرأة، كبير السن أو صغيره، فمشاركة مختلف الفئات الاجتماعية هي وإن كانت تثري الثقافة ذاتها إلا أنها لا تصلح معيارا لقياس نجاح الملتقيات الثقافية والفكرية.