تصريح لافت أطلقه وزير التعليم العالي لصحيفة "الرياض"، عندما برر عدم توطين وظائف الوزارة خارج المملكة، بعدم قدرة المواطن على حياة عملية طابعها الغربة. تصريح الوزير جانبه التوفيق، وهو المقل في أحاديثه الصحافية طوال 17 سنة في وزارة التعليم العالي، خاصة أن الكلام جاء في صيغة تعميم لا يتماشى والمعايير العلمية، التي تقوم عليها جامعاتنا الكريمة في خوضها صراعات التميز العالمي. الوزير لم يقل إن وزارته درست الموضوع، أو خاضت تجارب طويلة مع المواطنين، فثبت لديها فشلهم في تحقيق الواجبات الوظيفية، أو في قدرتهم على التكيف مع الغربة، أو توفير حياة كريمة لأسرهم. فالمواطن السعودي موجود في وظائف خارج الدولة، مرفقاً بزوجته وأطفاله، وذلك ليس بجديد عليه. الممثليات السعودية المائة والخمس عشرة تضم مئات المواطنين بكامل أسرهم، وهم يمثلون مؤسسات حكومية عدة، فما المتغير عند موظفي وزارة التعليم في الملحقيات التعليمية، بحيث لا يستطيع السعودي العيش في الغربة كما يفعل مواطنه في الغربة؟ وكيف يستطيع عشرات الآلاف من المواطنين العمل خارج البلاد في وظائف عادية وبلا مقابل مادي كبير؟ الواقع انهم يحيون وينتجون، وقد كونوا أسرهم. لذا أرى أن التصريح غير موفق، ويحتاج إلى مراجعة. وما أعنيه في المراجعة أن تعي الوزارة أهلية المواطن للعمل الخارجي، وقدرته على التكيف مع بيئات مختلفة في الغربة، وتبدأ في تصحيح موقفها ميدانياً عبر توطين سريع لوظائف الملحقيات التعليمية، والحال مثله مع بقية أطقم البعثات الدبلوماسية. فتصريحات الوزير تعزز الدعوات السابقة لتوطين الوظائف في السفارات، فزيارة واحدة لسفارة سعودية تكفي لمعرفة حجم التساهل في تمكين غير المواطنين من وظائف أبناء البلد، وفي معظمها وظائف غير خارقة تستلزم الاستفادة من الخبرات الأجنبية. على الأقل، نحقق التوطين لدواعي الأمن الوطني للبلاد، فالسماح لعشرات العرب والأجانب بالتواجد في مؤسسة حكومية طابعها دبلوماسي، لا أراه مناسباً، ولا أظن طبيعة صراعات المنطقة تسمح بذلك، وهنا لا أقدح في نزاهة العاملين، لا سمح الله. أقلها أحاول استغلال الزاوية الأمنية في الموضوع، لضمان فرص وظيفية للمواطنين، مثلما تأتي الزاوية الأمنية في مختلف تفاصيل حياتنا وحياة البلاد وتنميتها.