اتسم القطاع المالي السعودي إضافة إلى قوته وتميزه إقليمياً وعالمياً، بأنه يكاد يكون صاحب المركز الأول في حداثة معلوماته وأرقامه، ذلك ان القطاع المصرفي الذي يشكل عموده الفقري هو في غالبه شركات مساهمة عامة تخضع لقوانين إفصاح صارمة، ثم هناك نجاح مؤسسة النقد في تبني رقابة دقيقة وافصاحات شهرية وربع سنوية نستطيع القول إنها الأسرع وصولاً للمراقب والمحلل. هذه السمة يحتاج وزير الاقتصاد والتخطيط إليها بشدة حتى يستطيع أن ينقل نجاحاته في القطاع المالي إلى وزارته الجديدة، فهو جاء من مدرسة صارمة في ما يتعلق بالأرقام والإحصاءات التي تقدم للرأي العام وللمستثمرين وبالطبع من قبل ذلك، ومن بعده إلى الحكومة. الفارق الذي يمكنه أن تصنعه وزارة الاقتصاد والتخطيط في العهد الوزاري الجديد سيعتمد على المعلومة المحدثة، وهذا ما كان غائباً لفترة طويلة، ويبدو أنه كان عائقاً واضحاً أمام التخطيط الذي ترتكز عليه خطط التنمية لتحقيق الرفاه المنشود، وإرساء الاستقرار في معدلات النمو. المواطن العادي الذي لا علاقة له بالمال والاستثمار يحس بضعف التخطيط عندما لا يجد لابنه مقعداً دراسياً لائقاً في أية مرحلة، ولا يجد لمريضه سريراً جاهزاً وعلاجاً ناجعاً، ثم لا يجد لنفسه أو أبنائه فرص عمل، واشدد على فرص عمل وليس على وظائف لأن الفارق هنا كبير. في كل منشأة أو جهة يعتبر التخطيط الاستراتيجي ركيزة النجاح الأولى إذا أعقبه تنفيذاً دقيقاً، وتقييماً عادلاً، وإذا اجتمع كل ذلك في بوتقة الرؤية الواضحة للأهداف، والتنفيذ الأمثل للرسائل، ونحن نعول كثيراً على من نجح في قيادة السياسة النقدية، ومراقبة القطاع المالي بجميع مكوناته أن تكون رؤية الوزارة الجديدة معتمدة على بناء خطط لا يكون الإنشاء أو الأرقام غير المحدثة هي محركها الإعلامي والتنفيذي. لن ينجح الوزير إلا بتعاون كل الجهات الحكومية والخاصة مع وزارته، وهو التعاون الذي يحتاج منه وفريقه الى مبادرة إعادة هيكلة الوزارة بما يحقق هدف التخطيط للاقتصاد والتنمية بشكل يجعل من الأهداف شيئاً يمكن قياسه للمتخصص والمراقب، ويمكن الإحساس به من المواطن المستفيد النهائي أو فلنقل العميل الأساسي لدى الوزارة. جميل هو التغيير وضخ الدماء والأفكار الجديدة في شرايين الوزارات أو الجهات، والأجمل هو أن التغيير هذه المرة لامس الاقتصاد والتنمية البشرية بشكل مباشر وواضح فوزارة الخدمة المدنية أيضاً بحاجة إلى إعادة هيكلة والى تفعيل دور اكبر أظنه يتقابل مع وزارة التخطيط اقتصادياً وسياسياً فنجاح كل واحدة منهما رافد للآخر، خاصة وان التوظيف الحكومي يحتاج إلى تطوير آلياته وأفكاره حتى ندخل ثقافة الإنتاج بالشكل الذي يؤثر في الاقتصاد ويظهر أثره على القدرة على التخطيط والثقة في أن الخطط سيكون لها ثمار ونتائج واضحة. الاقتصاد كلمة جامعة لها علاقة بكل شيء، والتخطيط افترض أن تكون الكلمة المانعة للمفاجآت التنموية غير السارة في المستقبل.