فاجأتني معلومة في الإحصاءات الرسمية توضح أن غالبية المواطنين العاطلين مؤهلهم أقل من جامعي، وأن أغلبية الباحثات عن وظيفة جامعيات؛ بينما حين يناقش عمل المرأة مجتمعياً يعترض كثيرون من منطلق أن شبابنا العاطلين أولى بالتوظيف!! ولكن عمل المرأة مهم, خاصة أن هناك نساء لا عائل لأسرهن غيرهن؛ وعملها مهم أيضاً في إحلال المواطنات المؤهلات بمواقع تشغلها الآن قوى عاملة مستقدمة؛ ثم عمل المرأة لا يعني التوظيف فقط, بل يعني أيضاً دورها كصاحبة عمل تديره بنفسها. خلال الأسبوع الماضي تم في الرياض حدثان مهمان يتعلقان بحضور المرأة في ميدان العمل الاقتصادي: الحدث الأول كان منتدى رائدات الأعمال في 4-5 ديسمبر كانت المتحدثة الرئيسية فيه سمو الأميرة نورة بنت محمد الرئيس التنفيذي لبرنامج «حرفة» لتأهيل المرأة, ثم تناولت الأوراق التجارب الشخصية الناجحة للعديد من السيدات في مجال العمل. والحدث الثاني كان 6 ديسمبر؛ ورشة عمل ناجحة بكل المقاييس نظّمتها وزارة العمل بحضور معالي وزير العمل ومسؤولين آخرين في مؤسسات رسمية ذات علاقة بالعمل كصندوق التنمية والضمان الاجتماعي والمؤسسة العامة للتدريب المهني. كلا الحدثين تمّا تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله - حفظها الله- راعية وحامية للمرأة السعودية وطموحاتها. اعتذرت عن المشاركة في اللقاء الأول, وحضرت الثاني: ورشة وزارة العمل؛ ضمن مجموعة منتخبة قرابة 130من الخبيرات والمسؤولات وصاحبات الأعمال من شتى مناطق الوطن وقطاعات عمل المرأة. وكان الهدف من الورشة كما حددته الدعوة «مناقشة التحديات التي تواجه المرأة ومشاركتها في سوق العمل وسبل تذليل هذه التحديات بالتعاون المشترك بين الأطراف المستفيدة». نوقشت فيها شتى جوانب موضوع مشاركة المرأة في ميدان العمل؛ فتناولت محاور النقاش الصعوبات والمعوقات ودور الجهات الرسمية - وعلى رأسها وزارة العمل والمؤسسات ذات العلاقة مثل صندوق الضمان الاجتماعي وهيئة التدريب المهني - في تحفيز المرأة المؤهلة وتمكينها من النجاح في تجربة العمل. وبتركيز مهني تم تبادل الرأي وطرح الحلول الممكنة للتغلب على معوقات عمل المرأة. أهم ما ميَّز هذه الورشة جدية التناول, وحسن التنظيم, وشفافية الحوار, وحضارية النقاش. ورغم أنها ابتدأت الساعة التاسعة صباحاً واستمرت حتى الساعة السابعة مساء، وبالتالي تطلبت الكثير من التركيز, فقد احتفظت المشاركات بحماسهن واخترن البقاء بعد انتهاء الزمن المحدد للورشة لكي يطرحن المزيد من الأسئلة ويستمعن إلى الأجوبة من المسؤولين في تقدير لفرصة نادرة للقاء المباشر. قرار الحوار المباشر بين الخبيرات والمسؤولات وصاحبات العمل وصنَّاع القرار كان حكيماً, حيث أتيحت رؤية الموضوع من وجهات متعددة وضحت أبعاده المختلفة, وأعطى ذلك عمقاً وفرصة لإيصال التفاصيل من أرض الواقع إلى الباحثين عن حلول تعتمد. مثلاً كالغالبية لم أكن أعلم أن الضمان الاجتماعي للمرأة ما زال أقل من 800 ريال في الشهر!! ولو توظّفت براتب 1300 تفقد الضمان وحين تتحمّل تكلفة نقلها إلى موقع العمل لا يتبقى من الراتب ما يحفز تفضيل كفة العمل الوظيفي.. ولذلك تؤثر ألا تعمل! ربما اعتمد هذا المبلغ قبل أكثر من عقد, أما في ظروف اليوم فلا يفي بمتطلبات المعيشة في شهر! اختتم الاجتماع بحوار مباشر مع المسؤولين بعد تقديم توصيات أهمها: توفير التدريب والمواصلات وحضانات للأطفال بدعم رسمي, إجازة أمومة تتيح تخيّر الأفضل لظروف الأم, رفع الحد الأعلى لمجموع الراتب والضمان الاجتماعي إلى 3000 ريال, توحيد الإجراءات في الوزارات, استحداث تخصصات يطلبها سوق العمل.