قبل مليون سنة مات ديناصور في شرق الجزيرة وابتلعته الأرض، ومع الضغط والحرارة تسرب من جسمه مقدار برميل من النفط واستقر في مكمن عميق إلى أن سحبته شركة أرامكو قبل عدة أشهر وباعته لمصفاة في سنغافورة بمائة دولار أمريكي، ثم طبخته المصفاة واستخلصت منه عدة مكررات نفطية وباعتها لمصانع ومزارع حول العالم. كانت المصفاة تشتري البرميل من أرامكو ب 70 دولاراً، ثم اضطرت إلى دفع 30 دولاراً إضافية تمشياً مع ارتفاع أسعار النفط، لكنها مررت هذه الزيادة إلى عملائها حول العالم عبر زيادة أسعار المنتجات المكررة، وبدورهم مرروها إلى المستهلك النهائي لبضائعهم الصناعية والزراعية. ولما كان المواطنون السعوديون من جُملة هؤلاء المُستهلكين النهائيين فقد دفعوا من جيوبهم تلك ال 30 دولاراً التي دارت دورة طويلة حول العالم قبل أن تعود وتستقر في حساب شركة أرامكو ومنها إلى حساب وزارة المالية، ومنها إلى بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي حيث تودع الحكومة الفوائض الناتجة عن زيادة أسعار النفط والتي تراكمت لتبلغ الآن مئات المليارات من الدولارات. من هذه القصة القصيرة يتضح أن المواطنين الذين يحتفلون بزيادة أسعار النفط سيتوقفون عن ذلك متى علموا أنهم ببساطة سيدفعون هذه الزيادة من جيوبهم. المؤسف أن الحكومة بدورها لن تستطيع الإنفاق من هذه الفوائض بحرية على مشاريع التنمية في الداخل تلافياً لإطلاق مارد التضخم وإحداث فقاعات في أسعار الأصول مع ما يعنيه ذلك من نتائج سلبية اقتصادية واجتماعية. وأخيراً، فإن ما سبق شرحه يُعد الجانب الأسهل في هذا الموضوع الشائك. الجانب الأصعب هو اقتراح حل سحري يُعيد التوازن إلى جيوب كل المواطنين بصورة تتناسب طردياً مع أية زيادة في أسعار النفط. ومن حسن حظي أن مساحة هذه الزاوية انتهت.