زياد الدريس * الخياة اللندنية لم يعد الفارق بين الشعب والشغب «نقطة» يمكن نسيانها أثناء الكتابة اليدوية! ففي ما بعد ثورة الاتصالات أصبح الفارق، على لوحة المفاتيح، أن تخطئ في كتابة حرف وليس نقطة. إذاً، في الكتابة اليدوية قد تنسى وفي الكتابة الالكترونية قد تخطئ .. هناك فارق! ففي ما بعد ثورات الربيع العربي لم يعد من الممكن نسيان الشعب، ولا حتى «نقطة» من الشعب! لكن للأسف، مازال حتى ما بعد ثورتي الاتصالات والربيع، يمكن وقوع خطأ على الشعب مثلما يمكن أن يقع خطأ من الشعب. الفارق بين الشعب والشغب يعتمد الآن بشكل أساس على تعريف كل منهما، وخصوصاً بعد تحديثات الربيع العربي، فالاثنان لم يعودا صنوين كما كانت تصورهما الدوائر الرسمية وإعلامها المنحاز. أصبح الشعب مهيأ لأن يقوم بعمل لا يمكن تسميته بالشغب. الشغب لم يعد توأم الشعب، كما كان الحال من قبل، فالشغب في ما هو تعبير عن حالة تعدٍّ على مسار النظام العام، أصبح في ما بعد الربيع مزاولاً من لدن أجهزة رسمية وزعامات رسمية. ما يقوم به الشبيحة وفصائل الجيش السوري ضد الشعب السوري الثائر هو الشغب الآن، وما يتم من تعديات من لدن بعض فعاليات الجيش المصري ضد الشعب المصري هو الشغب الآن، وما قام به «الرئيس» القذافي ثم ابنه سيف الإسلام من محاولات تخريب الثورة الليبية، هل يمكن إيجاد تسمية له أفضل من أنه «شغب»؟! الرئيس السابق يقوم بشغب ضد الشعب؟!! يا الله... كم قلب هذا الربيع العربي مفاهيم وصوراً نمطية كانت مكرسة لعقود حتى أوحت بأنها غير قابلة للتغيير أو التبديل أو التعديل. لم يعد من الممكن الآن الذهاب أبعد من إلصاق صفة الشغب بطرف آخر من عناصر الدولة، طرف غير الشعب هذه المرة! بهذا التحول تصبح قوات مكافحة الشغب، التي خبرنا دورها زمناً طويلاً، ليست لمكافحة الشعب... بل لمكافحة الشغب أياً كان مصدره.