د. طارق بن محمد الأحمدي - الاقتصادية السعودية يعتبر أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية والجهات التي في حكمها الحاصلون على درجة الدكتوراه في تخصصاتهم النخبة في أوطانهم، حيث أفنوا زهرة شبابهم في الدراسة والتحصيل العلمي ونقل التقنية لبلدانهم، فمن الطبيعي والمنطقي أن تكون مداخيلهم الشهرية توازي وضعهم العلمي والاجتماعي، ولأن المطالبات بتحسين سلم الرواتب الخاص بأعضاء هيئة التدريس وإعطائهم سكنا أو بدل سكن مناسبا هي مطالب منطقية ومتجددة، لذلك وبعد دراسة أوضاع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية ومن في حكمها، صدر قرار مجلس الوزراء رقم 259 وتاريخ 1/9/1429ه، والقاضي بصرف بعض البدلات مثل التدريس الجامعي، وناشئة، وندرة، وتأمين سكن ونحوه، وكان ذلك بمثابة دعم وتعزيز لدخل عضو هيئة التدريس وجعل عوائده المالية توازي الأعباء والمكانة العلمية والعملية له في المجتمع، وحيث اقتضى القرار تشكيل لجنة دائمة من كل من وزارات التعليم العالي، والخدمة المدنية، والمالية بهدف اقتراح الضوابط والمعايير اللازم توافرها فيمن تمنح لهم هذه البدلات والمكافآت وإعادة النظر فيما يلزم تقليصه كل ثلاث سنوات، ولأن هذه المدة قد شارفت على الانتهاء ولكي نقيس مدى استفادة عضو هيئة التدريس من هذه البدلات وتحقق الأهداف التي أصلا أقرت من أجلها لذلك سنستعرض أهم البدلات وهي: أولا: بدل ندرة: تعرف التخصصات النادرة عادة من خلال قاعدة بيانات موجودة عند الجهات التشريعية وبناء عليه تحدد هذه التخصصات والنسب الملائمة، ولكن الغريب والشيء العجيب أن تربط اللجنة الموقرة بين التخصص النادر والسعودة بمعنى حتى يكون التخصص نادراً لا بد أن تحتوي الأقسام الأكاديمية على أعضاء هيئة تدريس غير سعوديين، حيث تكون نسبة السعودة (50 في المائة فأقل)، مما تعذر معه صرف هذا البدل في بعض الجهات الأكاديمية، خاصة أن هناك أعضاء هيئة تدريس سعوديين مدنيين يعملون في غير الجامعات مثل الكليات العسكرية فكيف يكون هناك غير سعوديين، وهذه جهات أكاديمية وطنية لها خصوصيتها، ومن ناحية أخرى لم تنظر اللجنة إلى سلبيات هذا الشرط، حيث نكتشف أن السعودة قد ضربت بمقتل بهذا الشرط وأصبحت الجامعات تستقطب غير السعوديين وحتى إن استقطبت بعض الكفاءات الوطنية يجب ألا يخل بالنسبة المحددة (50 في المائة فأقل) ولا أدري ما الهدف من هذا الشرط والذي وإلى ساعة كتابة هذه السطور ما زالت بعض الجامعات والجهات الأكاديمية تحاول تفسير وحل هذا اللغز، والغريب أن يمر هذا الشرط على جميع جهات التدقيق دون إبداء أي ملاحظات. ثانياً: بدل تدريس جامعي: صدق أو لا تصدق في كل فصل دراسي يقوم عضو هيئة التدريس بتعبئة نموذج خاص لإكمال النصاب، حيث اشترطت الهيئة الموقرة لصرف هذا البدل إكمال النصاب ليصبح عضو هيئة التدريس تحت وصاية وأمزجة وفهم ونوعية العاملين في الجهات التنفيذية في القطاعات الأكاديمية، وبذلك يكون في موقف لا يحسد عليه خاصة إذا لم يكتمل نصابه التدريسي ولم يستطع إكماله بالنواحي الإدارية ليس تقصيراً منه ولكن لظروف المواد والجداول الدراسية في ذلك الفصل. ثالثاً: بدل جامعات ناشئة: هذا من أوضح البدلات وأعتقد أن هذا البدل أقر بواقعية فنجد لكل جامعة أو كلية يقابلها النسب الملائمة، حيث لا يمكن أن يكون هناك اجتهادات، وتشكر اللجنة على هذا الوضوح وندعوها إلى الوضوح في جميع البدلات الأخرى والتي تعرفها اللجنة أو وزارة التعليم العالي بحكم ما يردها من تساؤلات. علماً أن الملاحظة الوحيدة على هذا البدل عدم تصنيف الجهات العسكرية الأكاديمية مما نتج عنه حرمان أعضاء هيئة تدريس في هذه الجهات الوطنية. رابعاً: مكافأة التميز: كما نمى إلى علمي أن هذا البدل كثير من الجهات الأكاديمية لم تصرفه بسبب عدم الوضوح والخلط ما بين الجوائز العلمية وبراءة الاختراع لذلك أدعو اللجنة إلى إعادة دراسته. خامساً: توفير سكن لأعضاء هيئة التدريس: هناك تفاوت كبير في القطاعات الأكاديمية فنجد بعض الجهات وفرت سكنا ملائما داخل أسوار الجامعة، وجهات أخرى استأجرت خارج أسوار الجامعة، وبعضها دفع مبلغا مقطوعا لتأمين سكن لعضو هيئة التدريس لحين اكتمال بناء المساكن المخصصة لهم، السؤال لماذا لا تقوم اللجنة بتحديد المبلغ الذي يصرف لعضو هيئة التدريس بشكل واضح وصريح وذلك لحين اكتمال المساكن، فنجد مثالا على ذلك القطاع الصحي، حيث تم تأمين سكن للأطباء بحد أقصى لا يتجاوز 50 ألف ريال. أخيرا لا شك أن اللجنة الموقرة والتي وضعت هذه الضوابط تتميز بدرجة عالية من الأمانة والوطنية، ولكن في اعتقادي لو أرسلت هذه الضوابط لأحد أعضاء هذه اللجنة فسوف يلف سبع لفات لفهم آلية صرف بعض هذه البدلات وفك رموز ضوابطها، وحيث إن حكومة خادم الحرمين الشريفين، وفقها الله، لم تقر هذه البدلات إلا لمصلحة أعضاء هيئة التدريس وتوفير حياة كريمة تليق بعضو هيئة التدريس السعودي والذي يملك أرفع الدرجات العلمية، فليس من المقبول أو المنطقي وجود بدلات أقرت من مجلس الوزراء ولم تستطع بعض الجهات الأكاديمية أن تصرفها بسبب عدم وضوح الضوابط أو صرفتها بعض الجهات الأخرى اجتهاداً منها، مما يجعلنا نعتقد أن هناك خللا لا بد من إصلاحه، عليه أدعو اللجنة الموقرة عند مراجعة الضوابط مراعاة بيئات أعضاء هيئة التدريس سواء في الجامعات أو القطاعات الأكاديمية الأخرى مثل كلية الملك عبد العزيز الحربية أو كلية الملك فهد الأمنية أو كلية الملك عبد الله للدفاع الجوي وغيرها وهي جهات وطنية أكاديمية، وأن تتبنى هذه الضوابط على أساس الوضوح غير القابل للاجتهاد، وكذلك عضو هيئة التدريس الذي يعرف واجباته ومسؤولياته.