سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    هل تهدد «رسوم ترمب» أمن الطاقة بأمريكا؟ «اتحاد الوقود» يجيب    الأهلي يقترب بثلاثية    عقدة غياب الدون تطارد العالمي    14 دبلوما عدليا    دعم سعودي لمرضى الفشل الكلوي باليمن    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    أمير المدينة المنورة يكرَّم الفائزين بجوائز مسابقة «منافس» الوطنية للطلاب المتميزين    ليلى عوض.. الغياب الذي لم يمحُ الأثر    شرطة الرياض تقبض على (6) مصريين إثر مشاجرة لخلاف بينهم في مكان عام    نيفيز ينقذ جيسوس من ورطة الظهير    القمة العربية تتبنى الخطة المصرية لإعمار غزة    "الربيع" يدشن مركاز حي الروضة الرمضاني بالمحلة غوان    مصر تعزز احتياطيات الذهب.. اشترت 18,1 ألف أوقية    الكرملين: بوتين يوافق على وساطة بين واشنطن وطهران    أمريكا تدرج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية    أفضلية طفيفة لباختاكور في أوزبكستان بعد أداء باهت من الهلال    8 جامعات تتنافس على لقب دوري كرة الطائرة    سيميوني وأنشيلوتي.. مواجهة كسر عظم    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": اعتداءات قوات الاحتلال على المساجد في الضفة الغربية تصل ذروتها    192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العادية    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    "الجميح للطاقة والمياه" توقع اتفاقية نقل مياه مشروع خطوط أنابيب نقل المياه المستقل الجبيل - بريدة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية ويحفظ مكانته    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعزز أعمالها البيئية بانضمام 66 مفتشًا ومفتشة    أمانة المدينة تعزز خدماتها الرمضانية لخدمة الأهالي والزوار    1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    منعطف إجباري    ذكريات الحارة    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    خديجة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    التسامح...    الشهادة التي لا تسقط بالرحيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير سلمان ... و«شوية البدو الرجعيين»
نشر في أنباؤكم يوم 14 - 11 - 2011


عبدالله ناصر العتيبي - الحياة اللندنية
قبل أكثر من ثلاث سنوات، جمعني لقاء مع الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودي الجديد في مكتبه السابق بإمارة منطقة الرياض. وكان الأمير قد أرسل في طلبي للحديث عن موضوع معين كنت قد أثرته في كتابة سابقة في صحيفة «الحياة».
تحدث معي الأمير في أمور كثيرة، وتشعب في مواضيع شتى اعتماداً على معرفته وحصيلته الثقافية الموسوعية التي أعرفها ويعرفها الكثير من السعوديين، لكن ما بقي في ذاكرتي من ذلك اللقاء هو تأكيده على أنه مع حرية التعبير عن الرأي أياً كان مصدره وأياً كانت وجهته بشرط أن يكون نتاجاً للموثوقية والصدقية، وألاّ يتسبب بضرر للوطن أو أي من مكوناته، وأنه لا يقبل أبداً أن تحيد شعيرة العدل عن مكانها، فكل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات تحت العلم السعودي.
أظن أن الإيمان العميق والاعتقاد الراسخ اللذين يملكهما الأمير سلمان تجاه هذه المسائل خصوصاً، واللذين (الإيمان والاعتقاد) ينسحبان تأكيداً على بقية المتنفذين في السلطة السعودية بحكم مكانة الأمير في منظومة الحكم وقوة تأثيره محلياً، ساهما بشكل واسع في ثبات السفينة السعودية واتزانها على سطح بحر التغيير برغم تلاحق موجات الربيع العربي في الأشهر العشرة الأخيرة.
السعوديون مطمئنون إلى عقائدهم وأعراضهم وأنفسهم وأموالهم وعقولهم، ويعرفون أن هذه الطمأنينة ما كانت لتكون لو لم يقيض الله لهم أناساً من بينهم انبروا لتحقيق توازنات شديدة التعقيد كرامةً وحباً في أهليهم. ويعرفون أكثر أن للعدل في حياتهم قيمة عليا لا يمكن المساس بها من أي «كائن كان» حتى وان كان ذا قوة ظاهرة وتأثير غير محدود.
التوافق التاريخي وهامش الحرية المنضبطة الذي لا سقف له والعدل المحقق على أرض الواقع، كلها جعلت المواطن السعودي مراقباً لما يحدث في بعض الدول العربية، وداعياً اخوته العرب لأن يتخلصوا من ديكتاتوريات جرحت ضروراتهم الخمس، وفي الوقت ذاته معصوماً من طلب التغيير من أجل التغيير فقط، وهو الذي يملك ما يبحث عنه الآخرون: الحرية المنضبطة والعدل بين الناس.
قلت في مقالة سابقة هذا العام إن مسببات خروج الناس للشارع برغم مواجهتهم بالقمع والقتل العشوائي لا تخرج عن ثلاثة: الجوع والقمع المبرمج والاضطهاد الديني، وكل هذه الأعمدة الرئيسية للثورات غير موجودة في المشهدين السياسي والاجتماعي في السعودية، بل يمكنني القول إن ما يقابل هذه الأعمدة في الجهة الأخرى الموجبة، هو ما جعل السعوديين يقفون صفاً واحداً، مكونين جداراً منيعاً في وجه موجة سقوط أحجار الدومينو التي جاءت إلى البلاد على صهوة العدوى «الإعلامية» واستجابة لنداءات أطراف يهمها صناعة التابع وخلق حالة متوهمة من التقدمية على حساب وجود قوى رجعية مغلوبة، متوجبة للحشد دائماً، دعماً لتمام بدر الغالب.
في منتصف القرن الماضي كانت البلاد العربية تصنف في الإعلام المصري والإعلام الشامي إلى قسمين: دول تقدمية ودول رجعية. الدول التقدمية هي مصر وبلاد الشام والعراق والدول الرجعية هي دول الخليج ومن بينها المملكة. كان إعلام الحكومات الجمهورية الوليدة في ذلك الزمن يعمل على مدار الساعة على تأكيد هذه الحدية، فيما الدول الرجعية (اسماً) تعمل على بناء اقتصاداتها على أسس متينة وتشتغل على تكريس مفاهيم العدل والمساواة رأسياً وأفقياً في شبكاتها الاجتماعية. انشغل التقدميون خلال توالي السنوات عن التنمية والبناء بسن القوانين القمعية و «الطوارئية» وتنفيذها على مواطنيهم، واستمر «الرجعيون» في تقديم منظومة الكرامة الإنسانية لمواطنيهم. وفي النهاية وعند بلوغ السيل الزبى، خرج الثائرون إلى الشارع في دول الانقلابات الجمهورية مطالبين بحقهم في الحياة، وأكمل التقدميون الحقيقيون، الذين كانوا يعرفون قبل أقل من 50 عاماً ب «شوية البدو الرجعيين»، مسيرتهم نحو تحديث دولهم وتفعيل آليات الإصلاح بما يتناسب مع تطور أنظمتها الاقتصادية والاجتماعية. اليوم، والربيع العربي يضرب شواطئ دول المنطقة، عاد التقدميون الجدد إلى الدعوة تلو الدعوة إلى تغيير الأنظمة الحاكمة في الخليج اعتماداً على النشوة الثورية الناشئة وعودة لتكريس مفهوم المراكز والأطراف الذي نُسخ منذ أكثر من 20 عاماً، وبدلاً من الاشتغال على تحقيق أهداف الثورات «المباركة» والعمل على نفي الجوع والقمع والاضطهاد الديني من بلدانهم، حولوا أنظارهم إلى دول «التوافق التاريخي» والحياة الكريمة، مطالبين أبناءها بالثورة من أجل الثورة فقط، تقليداً واتباعاً. لكن التاريخ يعيد نفسه من جديد، فثبات السعودية ورسوخ قيم «العدل والحياة الكريمة» بين أبنائها وتراكم التجارب الإصلاحية على أرضها، ساهمت في بناء رمز إقليمي شديد الصلابة لا يمكن أن يهتز أو يضطرب لمجرد المحاكاة والتقليد، وهذا ما أكده التغيير الذي طال منظومة الحكم مؤخراً والذي تم بسلاسة واضحة وهدوء كامل الدسم في ظل متغيرات إقليمية ذات جلبة كبيرة وأصوات عالية شديدة الحدة.
العدل وضمانات حرية التعبير والتنمية الشاملة التي لا تفرق بين مواطن وآخر ومنطقة وأخرى، كما يقول الأمير سلمان، هي حصانة الدول ضد موجات الزمان المتعاقبة، وأظن أن على إخوتنا العرب الخارجين من رحم الديكتاتوريات، أن يقرأوا أسفار الاستقرار ومسبباته كي لا يقعوا في أخطاء أسلافهم قبل أكثر من نصف قرن نفسها.
رحم الله سلطان الخير وأمدّ بالقوة إخوته وعلى رأسهم الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز.
* كاتب وصحافي سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.