كنت أضرب المثل بالبحرين وأهلها الذين يمارسون أقصى درجات التسامح بين المذاهب، يعيشون أخوة متحابين، يزوج بعضهم بعضا، يتاجرون معا، يسافرون معا، لا يمكن أن تفرق بين سني وشيعي، وهذا اللون من التعايش هو الذي كنت أنادي به منذ ربع قرن وحتى الآن. وجاءت أحداث البحرين الأخيرة، وكانت مأساة بكل معنى الكلمة؛ وعندما رأيت كيف أصبح وضع سنة البحرين وشيعتها بدأت أردد: اللهم لا تجعل ما حدث في البحرين يحدث في أي مكان آخر!! اللهم وفقهم جميعا.. وأعدهم إلى أفضل مما كانوا عليه.. سنة البحرين أصبحوا في أقصى اليمين وشيعتها في أقصى اليسار.. وفي الوسط خلافات لا حصر لها!! اتهامات متبادلة يشيب لها شعر الوليد.. دعوات لمقاطعة محلات هذا الطرف أو ذاك، وكأننا نتحدث عن مقاطعة الصهاينة ومن شابههم من أعداء الإسلام.. هل يعقل هذا وفي البحرين؟!! وإذا كنت أعتقد أن المطالبة بالحقوق واجبة فإنني أعتقد أيضا أن الوسائل يجب أن تكون مشروعة ومقبولة!! العنف مرفوض، وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة مرفوض أيضا. ولأنني أعرف البحرين؛ سنتها وشيعتها، فليس من المعقول أن يعيش القوم مطمئنين في الوقت الذي لا يثق بعضهم بالآخر، وكل يفسر تصرفات الآخر على أسوأ محاملها. هذا الوضع يتطلب تدخل الدولة وحكومة البحرين التي عرفت باتزانها وحكمتها وقبل استفحال البغضاء وما هو أكثر منها، لتجعل كل شيء في مكانه وفي أسرع وقت. المطالب الحقيقية من مصلحة الدولة أن تتعاطى معها بإيجابية، ومن مصلحة السنة تأييد ذلك وعن قناعة. شيعة البحرين هم مواطنون.. والمواطنة تعطي صاحبها الحق الكامل في المعاملة العادلة؛ ماديا واقتصاديا ووظيفيا واجتماعيا وأي شيء آخر.. والمواطنة أيضا تعطي الدولة الحق في معاقبة كل من يخرج على القانون سواء أكان من هذه الطائفة أو تلك وبعدالة متساوية. حبي لكل شعب البحرين وحبي لحكومتها يفرض علي أن أدعو كل عقلاء الطائفيين ومع حكومتهم أن يجلسوا معا ويتناسوا الماضي ويصلوا إلى كلمة سواء تنقذ بلدهم من خطر قد يقعوا فيه جميعا.. حمى الله الجميع!!.