حتى كتابة هذه المقالة بالأمس وصل عدد مشاهدي البرنامج اليوتيوبي «ملعوب علينا Mal3ob3lena» أكثر من 1.039.720 بعد تحميله على اليوتيوب في العاشر من شهر أكتوبر الحالي، بينما تتزايد أعداد متابعيه على التويتر بمعدلات سريعة بعد شيوع الحلقة وتداولها بين مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة وما تنطوي عليه من متابعات وتحليلات لحظية لمحتوى الحلقة وتبعاتها. البرنامج المذكور تناول مشكلة الفقر في المجتمع من منظور نقدي شبابي مباشر متخذاً من أحد الأحياء الفقيرة في الرياض «الجاردية» نقطة انطلاق ساخنة لتشريح قضية الفقر في السعودية وطرح كيفية معالجتها وتسليط الضوء عليها وذلك بالاستعانة ببعض الأرقام والحقائق التي تبرز غنى المملكة وكثرة أثريائها وتفشي الفقر بين عدد من سكانها. وبالرغم من أن الحلقة تناولت مسألة اجتماعية-اقتصادية تتمثل في الدعوة بقوة لاجتثاث الفقر ومسبباته، إلا أن بعض المحاور اعتراها الكثير من السطحية في التناول والحلول المقترحة وخاصة عند الحديث عن المساعدات والأسلوب المنهجي لتجاوز مشكلة الفقر لا على مستوى حي انما على مستوى الوطن بأكمله. إلا أن هذا لا يقلل من جودة الحلقة وجراءة ما طرحته وتحقيقها النجاح الباهر الذي وصل صداه إلى كبرى وسائل الإعلام العالمية مثل جريدة النيويورك تايمز التي نشرت خبراً عن الحلقة. وسائل الاتصال الحديثة أتاحت خاصية تواصل رائعة ما بين كافة شرائح المجتمع بغض النظر عن آرائها المتباينة أو المتوافقة حول القضية مثار النقاش. مثل هذا الحراك التواصلي يعد مؤشراً على اتساع دائرة الوعي الاجتماعي والسياسي والحقوقي خارج الأطر التقليدية .برنامج «ملعوب علينا» ومن على شاكلته مثل «مونوبولي» و «على الطاير» و «التاسعة إلا ربع» و «لا يكثر» وغيرها من البرنامج اليوتيوبية تعد طفرة إعلامية الكترونية جامحة بدأت تقتلع وسائل الإعلام التقليدية من جذورها سواء من حيث عدد المشاهدين على اليوتيوب والتويتر والفيسبوك والبلاكبيري والإيفون أو من ناحية كلفة الإنتاج وسهولة الوصول إليه والتفاعل معه أو من ناحية حرص منتجي هذا البرنامج على نقل إحساس الشارع وتغييراته ونبضاته وهمومه ومشاكله كما هي من دون مجاملة أو تملق أو تسلق أو حسابات نفعية مستقبلية أو تخوف من عقوبات إدارية أو وظيفية. السعوديون على مدى العقدين الماضيين كانوا ينتظرون حلول شهر رمضان من كل سنة لمشاهدة مناقشات جريئة لقضاياهم ومشاكلهم في برنامج مثل «طاش ما طاش» ! أما الآن وبفعل اللمسة السحرية لوسائل الاتصال الحديثة والزخم الفكري المتنامي قلصت تلك المدة إلى فترات قصيرة جداً تعد بالأسابيع إن لم تكن بالأيام ! وسائل الإعلام الحديثة تعطي المبدع فرصة النجومية في فترة قصيرة جداً، لذا من غير المستغرب أن تتسيد أسماء منتجي ومقدمي حلقة «ملعوب علينا» وهم فراس بقنه وخالد الرشيد وحسام الدرويش أحاديث الإعلاميين وسائل الاتصال الحديثة ولو على مدى الأيام العشرة الماضية. وكما هو أصبح متعارفاً عليه مؤخراً، فان وسائل الاتصال الحديثة أتاحت خاصية تواصل رائعة ما بين كافة شرائح المجتمع بغض النظر عن آرائها المتباينة أو المتوافقة حول القضية مثار النقاش. مثل هذا الحراك التواصلي يعد مؤشراً على اتساع دائرة الوعي الاجتماعي والسياسي والحقوقي خارج الأطر التقليدية كما أن هذا الحراك من جهة أخرى يتطلب المسارعة في الشروع في تأسيس ورعاية مشاريع ثقافية وفكرية واجتماعية وفنية جديدة وحديثة، وبخاصة لفئة الشباب والشابات، على هيئة مراكز البحوث والدراسات المستقلة ومعاهد ودور السينما والإخراج والتمثيل والموسيقى والتراث والفنون الجميلة وغيرها من المؤسسات المدنية الأخرى. بهذا الأسلوب نؤسس أو بمعنى آخر نوفر البنية الثقافية والفكرية التحتية لقنوات التواصل والتعبير لأفراد المجتمع بكافة أطيافه من جهة ونضمن من جهة أخرى وجود حلقة تواصل ثنائية ما بين الجيل الجديد ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية.