لجهة السيناريو يبدو أن الدراما السعودية لن تتطور، لا يوجد «سيناريست» محترف تستطيع القول إنه مميز، والحقيقة أنه لا يوجد أصلاً كُتَّاب دراما بالمعنى المحترف، وبالشكل المنافس الذي يخلق مسلسلاً قوياً، تنجح حبكته في جذب الجماهير. هذا ليس رأيي وحدي، كثير من الممثلين والمخرجين يعترفون بهذا، وكثير من الكُتَّاب أيضاً يقرون بهذا، وبعضهم يتحدث عن عدم جاذبية المجال، وآخر عن مشكلاته الاجتماعية، إذ يصنف كاتب الدراما مع أهل الفن، وأهل الفن في مجتمعنا «غلابا» على مستوى الحضور والإقرار بأدوارهم الإبداعية. المشكلة كما أراها أن هناك دوماً أفكار جاهزة، غالبها تصلح للكوميديا، انظر شهر رمضان مثلاً، أربعة أو خمسة مسلسلات سعودية، توزع عليها نجوم الفن السعودي من الرجال تحديداً، إذا لا توجد نجمات سعوديات بالمعنى الاحترافي، على رغم وجودهن بالمعنى «الاحترامي» لقدم تجربتهن.. ما علينا. لاحظ مسلسلات رمضان السعودية، غالبها يعتمد على أن لكل حلقة قصة جديدة، ولا تجد تسلسلاً درامياً يشي بكاتب قصة أو سيناريو قوي وقادر على الخوض في هذا البحر، والسؤال يبقى لماذا هذا العجز على رغم وجود كُتَّاب رواية، وكُتَّاب قصص قصيرة، مبدعون وحاصلون على جوائز عربية وعالمية ربما؟ يبدو لي أن الإنتاج لا يريد تحمل تكاليف حقيقية لمحترف في هذا المجال، خصوصاً أنه يجد مادة كافية كل عام، ومادة جاذبة للجمهور، مسلية له، قادرة على إضحاكه، ليس بالضرورة إضحاكه سعادة بالتمثيل بقدر ما هي ضحك من مرارته ومن «شر بليّته» الذي تجتره المسلسلات لعقدين من الزمن، نعم عقدان من الزمن وكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمثلها المسلسلات لا تزال كما هي. سعودة الوظائف، التستر، الرجل المزواج، الواسطة، أكل أموال النساء، ازدواجية الرجل في علاقته بالمرأة، الفساد والمحسوبية، الغش التجاري، النصب والاحتيال، تأخر أداء المحاكم، الروتين في الجهات الحكومية الخدمية، الرعاية الصحية التي لا تتوافر للعامة، وغيرها كثير مما تعرفون وتتذكرون. إذاً لماذا يجهد المنتج نفسه بالبحث عن كاتب سيناريو محترف يحمِّل موازنة العمل أكثر مما تطيق، خصوصاً أن الإنفاق على الدراما لا يزال ضعيفاً، وهناك أفكار كثيرة ملقاة على كاهل المواطن والمقيم لا تحتاج إلا إلى «صنفرة» بسيطة من كاتب معقول. الدراما منتج، هو ثقافي في الأصل، لكن نجاحه أيضاً يرتكز على اقتصادياته، وعلى التعامل معه بمهنية، كما يحدث في السينما العالمية، ولأن الدراما السعودية بحكم البيع والإعلان والموسمية جاذبة استثمارياً، فيجب أن يكون الاستثمار ليس فقط في المال، بل في الصناعة ذاتها لمستقبل أفضل، بل حتى لتعاطي أقوى تأثيراً على المجتمع ومتخذ القرار للقضايا المكررة التي لا يزال كثير منها مكانك سر.