لا بواكي للشعب السوري. مع كل شحنة موت ترسلها إيران لحليفها في دمشق، يخرج السوريون من العدم أشد وأقوى. مع كل تصريح لحسن نصرالله يتجاوز السوريون أسطورة طائر الفينيق ليكبلوا السيد بتصريحاته. لا بواكي للسوريين فقد أصدر المرشد علي خامنئي أمراً طلب فيه من بعض القادة العراقيين النافذين دفع مبلغ وقدره عشرة بلايين دولار لدعم الخزانة السورية في مواجهة الظروف التي تمر بها دمشق. أغلب قادة العراق لا يستطيعون عصيان أمر حارس إيران، فما بالك والأمر صادر من أعلى سلطة إيرانية. وبحسب صحيفة «الشرق الأوسط»، فإن خامنئي عندما رأى أنه وضع أزلامه في العراق في حرج، إذ كيف يدعمون خزانة سورية بعشرة بلايين وهناك ملايين العراقيين من دون دواء وغذاء، تفتق ذهن المرشد عن حيلة جديدة، إذ طلب منهم أن يدعموا سورية ويعلنوا أن ذلك جزء من الاتفاقات التجارية الموقعة مع دمشق قبل نحو شهر. هذا الخبر نقله الزميل معد فياض من «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي عن مصادر مطلعة في حزب المالكي، وأورد أسماء في خبره لم أسمع أنها أنكرت هذا الطلب، وهو طلب جاء بينما «الشق الثاني» من العالم الإسلامي يلتزم الصمت حيال الدم السوري المسفوك في الشوارع، لدرجة منع معها النظام السوري رفع الأذان وإقامة صلاة التراويح، ناهيك عن نزوح آلاف النساء والأطفال والشيوخ إلى أماكن مجهولة، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا طعام في المدن التي فروا منها. قبل ذلك، ومع بداية الأزمة السورية، أعلنت طهران وبشكل سافر ومستفز أنها قدمت مبلغاً وقدره 5.8 بليون دولار لدعم سورية في مواجهة «العصابات الإجرامية»، والعالم كله يعلم أن «العصابات الإجرامية أو المجموعات المسلحة» التي يتحدث عنها الإعلام السوري عبر أبواقه ما هم إلا شباب سورية المطالبين بحريتهم وكرامتهم، وإلا ما معنى أننا لم نسمع أو نقرأ بياناً واحداً لهذه المجموعات المسلحة، تعلن فيه مسؤوليتها عن قتل الأطفال، بينما رأينا عشرات الأشرطة لجنود سوريين وهم يرقصون على جثث القتلى في درعا والبيضا، كما رأينا جنوداً وهم يضربون رجلاً مسناً في «أحراج» حمص في منظر لا يمكن أن يوصف إلا بأنه «قذر». قبل ذلك رأينا كيف انتزع «الشبيحة» حنجرة إبراهيم قاشوش الملقب ب «بلبل الثورة» لمجرد أنه «هتف» في جماهير شعبه في حماة. لم يكتفوا بنزع حنجرته، بل رموا جثته في نهر العاصي، وبهذا أصبح القاشوش الرجل الذي دفع ثمن أغلى «طز» في التاريخين القديم والحديث. النظام السوري حليف لإيران، والاثنان يدعمان حزب الله باسم المقاومة، مع أنه حزب إرهابي طائفي يقوده رجل متلون، فحسن نصر الله الذي دعم ثورتي ليبيا ومصر، وقف ضد ثورة الشعب السوري. نصر الله دعم الثورة في ليبيا لأن لديه ثأراً مع معمر القذافي بخصوص اختفاء سيد معمَّم يدعى الموسوي، كما أنه ساند ثوار مصر ليس حباً في شباب 25 يناير، بل طمعاً في خلق فوضى في مصر، على أمل أن تطال هذه الفوضى السجون في مصر ويفر السجناء ومنهم أعضاء تنظيم حزب الله الموقوفون في مصر حينها بأمر قضائي، وهو ما حصل بالفعل، إذ فرّ أعضاء الخلية من مصر وقيل إنهم وصلوا إلى بيروت عبر إحدى الدول الأفريقية. تخطى النظام السوري كل الأعراف وقام بمجزرة شنيعة في حماة عشية شهر رمضان المبارك راح ضحيتها نحو 136 شهيداً، لدرجة طالب معها الغرب (المسيحي) النظام بأن يحترم عظمة شهر الصوم، بينما «الشق الآخر» من العالم الإسلامي صائم حتى عن التنديد. عندما أصدرت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بياناً «خجولاً» بخصوص الأحداث المؤسفة في سورية، خرجت طبول النظام السوري تتوعد الخليج بالويل والثبور، لدرجة قال معها أحد أزلام نظام الأسد عبر قناة «العربية» إن البيان الخليجي كتب بحبر أميركي «وأن بإمكاننا دعم شيعة الخليج ضد بلدانهم، لكن أخلاق الأسد القومية تمنعنا من فعل ذلك».