أتمنى من معالي وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة أن يقضي إجازته القادمة في العاصمة الأردنية عمان. أريد منه أن يتجول وسط العيادات والمستشفيات الأردنية بصفته مواطنا سعوديا سائحا، وليس مسؤولا حكوميا. أريد منه أن يجلس مع السعوديين هناك، ويسألهم ويحاورهم ويتقصى أسباب مجيئهم هنا، ولماذا العلاج في الأردن تحديدا؟ لماذا لا يتعالجون في الرياض أو جدة؟ لماذا يتكبدون عناء السفر ويقطعون المسافات ويقفون في طوابير الجوازات والجمارك؟ ما الشيء الذي يبحثون عنه؟ سأجتهد في سرد الأسباب الحقيقية والمؤكدة التي أقف عليها كل إجازة، وأتحمل مسؤوليتها. أول مواطن سيلتقيه الوزير سيقول له: أنا هنا لأنني أحصل على رعاية صحية متميزة. المواطن الثاني سيقول: أستطيع أن أقابل الاستشاري الذي أريد في الوقت الذي أريد. المواطن الثالث سيقول: هنا لا توجد مواعيد طويلة. المواطن الرابع سيقول: تكلفة العلاج يسيرة.. أستطيع أن أقابل أمهر الاستشاريين بمبلغ زهيد للغاية. المواطن الخامس سيقول: هنا لا توجد واسطة للعلاج، ولست بحاجة إلى مكالمة أو شفاعة من أحد. المواطن السادس سيقول: مصاريف السفر والعلاج والسكن توازي سعر تذكرة ذهابا وإيابا للرياض. المواطن السابع سيقول: التشخيص هنا دقيق والمتابعة دائمة والأخطاء الطبية في حكم النادر. المواطن الثامن هو كاتب هذا المقال وسيقول لمعاليه: هنا يا معالي الوزير يقابلني الاستشاري بابتسامة وتواضع شديد عند باب العيادة ويودعني عند الباب، ويقدم لي النصيحة والعلاج، ويقدم لي "كارت" التعريف الشخصي، كي أستفسر منه عبر الهاتف عن أي شيء.. يشعرني بقيمتي كإنسان. يشعرني بأنني صاحب الفضل وليس هو، على الرغم من كونه حصل على شهادته العلمية قبل ولادتي! هذه هي الأسباب يا معالي الوزير التي تدفع السعوديين للعلاج في الأردن، وباستطاعتك التأكد بنفسك لو أردت.