يوم الثلاثاء الماضي، مرت ذكرى قتل (ثمانية آلاف) مسلم دون أن نرفع صوتنا أمام المجتمع الدولي لنقول له إن قيم حماية الأرواح هي حقوق مشتركة ومتساوية مع بقية شعوب العالم ولا يحق لأي مؤسسة دولية أن تحجبها عن العرب والمسلمين. في يوليو من عام 1995م دخلت قوات الصرب مدينة سربينيتشيا Srebrenica وقتلت خلال عشرة أيام في مجزرة جماعية 8 آلاف من سكان هذه المدينة بتواطؤ مع قوات حفظ السلام الهولندية وبتجاهل من القوات الفرنسية المشرفة على قوات الأممالمتحدة في جمهورية البوسنة والهرسك. ومع ذلك لم تتم محاسبة الجنود الهولنديين الذين جردوا سكان سربينيتشيا من السلاح قبل أن ينسحبوا منها ليقدموهم هدية لعصابات الصرب. تؤكد هذه المجزرة حقيقة مؤلمة وهي أنه عندما يكون الضحايا عرباً ومسلمين فإن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين.. فتغمض الدول الكبرى أعينها عنهم. وتؤكد أيضاً أننا نحن من نسهم في هذا الظلم بسبب عدم مدافعتنا عن حقوقنا. الأمثلة على الاستهانة بحقوقنا كثيرة ويكفي ذكر ثلاثة منها للتحذير من القادم الأخطر. أول هذه الأمثلة مذبحة قانا التي قتلت فيها إسرائيل 57 من اللبنانيين عام 2006م عندما لجؤوا إلى مخيم قوات الأممالمتحدة ومع ذلك نجت إسرائيل من العقاب رغم ثبوت جرمها بموجب التحقيق الدولي الذي ذهب ضحيته أمين عام الأممالمتحدة بطرس غالي لأنه أصر على نشر التقرير. الحالة الثانية تتمثل في قتل مئات الآلاف من المدنيين الذين قتلوا في العراق بذريعة البحث عن أسلحة وهمية ومثلهم كثير قضوا نحبهم في أفغانستان. أما المثال الثالث هو تقاعس الأممالمتحدة ومعها أمريكا ودول أوروبا في تنفيذ تقرير ريتشارد غولدستون رئيس لجنة حقوق الإنسان الذي اتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة في عام 2008م. نمر الآن بمواقف دولية نخشى أن تستخدم ضدنا بمكيالين. ففي السودان لا نعلم كيف سيكون موقف قوات حفظ السلام في إقليم أبيي ونحن نعلم أن انفصال جنوب السودان كان مؤامرة قد تمتد إلى دول أخرى. وفي ليبيا يدافعون عن المدنيين بقتل مدنيين آخرين في الوقت الذي يغمضون أعينهم عن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، ويعيقون محاكمة جنرالات الجيش الإسرائيليي بينما يطالبون بمحاكمة الرئيس البشير. لذلك إذا كان العالم يشهد حالياً ترسيخاً لقيم حقوق الإنسان وحماية أرواح المدنيين، فإن أقل ما يمكن للعرب أن يطالبوا به المجتمع الدولي هو ألا يكيل بمقياسين عندما تتعرض أرواح العرب والمسلمين للانتهاك والإرهاب.