لاقت سلسلة «كيف تصبح» ردود فعل واسعة في أوساط القراء، وعطفاً على ذلك تلقيت الكثير من الرسائل التي تطالبني بمواصلة هذا الجهد التربوي لفتح آفاق جديدة للجيل الواعد، وبما أن هذا الجهد الذي يأتي في سياق الانفتاح على الآخر - كما يحلو للبعض تسميته - يعد تنويرياً، فكان لزاماً علينا تقديم «عصارة» ما أنتجه العقل البشري لخدمة الراغبين في الانضواء تحت مظلة الفكر الجديد. الآن لتصبح ليبرالياً عليك الخوض في التجربة لمدة ثلاثة أشهر، وهنا انس الشعارات التي ينبغي أن ترفعها على غرار: احترام الآخر، وخلافه... التي ستأتي من خلال الصوتيات في ما بعد، وابدأ بنفسك: فأول ما ينبغي أن تقوم به هو أن تغير «اللوك»: إذاً «احلق شنبك»، «لا تيأس ولا تحزن»، وانس كيف كنت تتنقل بين الصيدليات بحثاً عما يسرع نمو الشعر في جسدك أيام الشباب، وأيضاً لا يغرنك أن ترى ليبراليي الغرب ملتحين، فلنا خصوصيتنا، فالشرط هنا أن تكون حليقاً لأن وجود «الشنب» قد يدفع إلى الردة عن هذا المذهب الفكري، مثلما حصل مع عبدالله الغذامي، أو قد توصف بالمنافق على غرار ابن زلفة. الآن إذا تمكنت من «كنس الشنب» فأنت قطعت شوطاً كبيراً. بعد هذه المرحلة التي تعد الأصعب عليك بقراءة أمهات الكتب، فيجب أن تعرف من هو جون لوك و جان جاك روسو وجون ستيوارت ملْ، كما ينبغي قراءة فكر فوكوياما والأهم من ذلك عليك أن تحفظ ل كارل ماركس وان تردد خلفه كالببغاء حتى وإن لم تعِ ما يقول. الآن من الواضح أننا قطعنا شوطاً أكبر في دخولك نفق الليبرالية، نأتي الآن للمهم وهو الأسهل، كيف تقنع العالم ب«تلبرلك»؟ أولاً: عليك تعويد نفسك على الصراخ والعويل، وأن تحفظ بعض الجمل كأن تردد على الدوام: أنا أؤيد قيادة المرأة السيارة، أو: المرأة مهضومة الحقوق في بلدي، أو السعودية وقّعت على اتفاقيات تضمن حقوق المرأة، لكنها ناقصة، لاحظ أن المرأة لدينا هي المدخل في عِلم الليبرالية، مثلما هي المخرج لدى الإسلاميين، فاجعلها محور أفكارك، وكثف جرعة الحديث عنها ما أمكن، وبعد ذلك بالإمكان التحدث عن التظاهر السلمي في الفضائيات وبعض التوافه الأخرى. أما الأهم فهو مثلما ذكر أحد المواقع أن: من صفات الليبرالي «حب الفأر ميكي ماوس والدفاع المستميت عنه لاسيما بعد فتوى جواز قتله»، وأيضاً: لا تنس التدافع للنيل من القضاء بأي صورة حتى ولو من خلال مؤخرة دجاجة. إذا تمكنت من بلوغ هذه النقطة، فدعني أهنئك على هذا الانجاز، لكن احذر أن تتعامل بهذا الفكر في منزلك، كن كما قال الشاعر احمد مطر: قال لزوجه: اسكتي/ وقال لابنه: انكتم/ صوتكما يجعلني مشوش التفكير/ لا تنبسا بكلمةٍ أريد أن أكتب عن/ حرية التعبير! إذا تمكنت من هذه المعادلة إذاً أنت ليبرالي بامتياز، واصل فتوحاتك في مواقع الإنترنت، واظهر في الفضائيات و»جعجع» بالحريات، وانتقد إقصائية التيار الإسلامي، واسع إلى إقصائه، لا تكن متخلفا ك«نيتشه» عندما قال: «آه، كم تكره نفسي أن تُرغِم آخر على اعتقاد أفكاري». بل يجب أن يكون شعارك: «على الآخر أن يؤمن بأفكاري»، حتى وإن كانت أفكارك بالية وليست لك أرضية تنطلق منها، وتستند على الأقليات لتوجد لك شعبية أو سنداً لأفكارك الهلامية، لا يهم طالما أن لك «حجاجاً» يبحث عن أفلاطون في الربع الخالي. وخل ميكي ماوس «ينفعك»!