طرح الشاعر الشاب أحمد العلي على عمه الشاعر الكبير علي الدميني السؤال التالي: لماذا نفتقد «سلم الأولويات» في الساحة الثقافية وتحديدا في الكتابات الاجتماعية؟ لماذا ندور من نقطة الى أخرى دون حل للاشكالية الكافية فيهما معا، ثم نعاود الدوران حولهما من جديد في عبثية.. يسميها القدماء «الدور»؟ هذا السؤال يضمر الاتهام بعقم تلك الكتابات وتشتت الضوء أمامها حين تسير الى الهدف، ويضمر كذلك الاتهام بلا تحديد الموقف.. لكنه «السؤال» يغمض عينيه عن الشروط المحدقة بظرفنا الثقافي التي تجعلنا نغرق في «حتمية دائرية». ليست هناك مشكلة جوهرية يتم حلها، وبالتالي فالكاتب مضطر الى ملاحقة المشاكل في «جزئيتها» فما يدعه دعا الى الدوران والى التكرار.. وحتى الاجترار. لماذا هذا؟ لأن قرار حل أي مشكلة ما.. ليس بيد المجتمع.. على المجتمع مرغما ان ينتظر الى ان يألف الانتظار ثم يعتاده.. ومن المحتمل ان يدافع عنه. أما من بيده الحل فيقول: دعهم يكتبون ثم يعيدون ويعيدون، متمثلا بقول طرفة: لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى حل أي مشكلة ما.. ليس بيد المجتمع.. على المجتمع مرغما ان ينتظر الى أن يألف الانتظار ثم يعتاده.. ومن المحتمل ان يدافع عنه. أما من بيده الحل فيقول: دعهم يكتبون ثم يعيدون ويعيدون لكطول المرخى وثنياه في اليد الدوران يعني: الطواف حول الشيء ويعني عدم الثبات والاستقرار. أما الحتمية التي أعنيها هنا في بعيدا عن الفضاءات الفلسفية والايدلوجية تعني اللأبدية.. أي مالا مفر منه.. وبالتالي (فحتمية الدوران) تعني عدم الدخول في الشيء وانما الحوم حوله.. وان هذا لا مفر منه.. هو مأزق إذن.. مأزق تناول أي مشكلة لها علاقة بحركة المجتمع بين التقدم أو التأخر أو حتى الرجوع الى الوراء. أما منشؤه فهو المنع من الكشف عن الاسباب التي ادت الى هذه الظاهرة او تلك في حرية المجتمع.. بل الدوران حولها.. ذلك لأن الاسباب غالبا تكون سياسية او الادعاء بأنها ايدلوجية تملك الحقيقة المطلقة.. ومن لا حرية له عليه ان يطير في القفص.. يعزز من طوق هذا المأزق اننا في مرحلة انتقالية بفعل مفاهيم الحداثة الاجتماعية التي تكتسح ما قبلها من مفاهيم.. والمرحلة الانتقالية من سماتها عدم الوضوح انها مخاض «كوالدة في الحي لا يدرون ما تلد» كما يقول بشار.. علينا اذن ان نفسح للدوران والتكرار.. بل والاجترار احيانا. يقول شوقي بزيع: «ما الذي تستطيع الكتابة ان تفعله ».