ناصر الصِرامي - الجزيرة السعودية دفنت جثته في البحر، لتقلب صفحة اكبر زعيم لمنظمة إرهابية في التاريخ البشري. تم دفن الجثة في البحر لأن آخر ما يريده الأميركيون «مكان دفن يتحول إلى مزار مقدس للإرهابيين» حسب تعليق محطة أمريكية. خطورة قاعدة ابن لادن ليست في ما ينسب إليه من فعلها الإجرامي وحسب، وليست فقط في كم الأرواح التي زهقت، ولا في الترويع الذي تسببت فيه، لكن في الأخطر الذي ستبقى آثاره باقية لوقت. حيث ما حققته من نشر للحقد والكراهية بين البشر، وتغذية لفيروس العنف القاتل الذي لا يرعى ذمة أو قانون أو روح إنسانية. نعم رحل قائد التنظيم القاعدي الضال، الذي استطاع الترويج للعنف، ونشر ثقافة التوحش، والقتل والتدمير. ومع كل ما أزهقه من دم وأرواح. عبر الواجهة الأشهر لنشر الفرقة والحقد والعنف والكراهية ببين شعوب الأرض، والمنفذ لتوجيهات أسوأ أنواع التبرير الديني -التشريع- للعنف والفوضى. رحل سيئ الذكر، وتخلص العالم من رأس الأفعى الإرهابية، لكن هذه ليست نهاية سنوات العنف والإرهاب الذي تبناه ودعمه ورعاه. حيث لا يمكن تجاهل الثقافة التي شكلته وقدمته للعالم ومولته، ثم الخلايا التي تركها قد تبقى لبعض الوقت بتأثيرها، وقد تصدر عنها ردود أفعال عنيفة في أكثر من موقع في العالم. لكن المأمول أن ثقافة القاعدة كتطبيق مسلح تشهد مراحل فنائها الأخير، أو هذا ما نرجوه، بعد إكمال تجفيف منابعها الفكرية. فالقاعدة لم تنته بعد، لكن رأسها المعلن قد خلع في ضربة قوية للتنظيم وأسطورته. ردود الأفعال الدولية والإنسانية كلها إيجابية ومتفائلة وحذرة في الوقت نفسه، إلا أن منظمات إسلامية عدة رفعت صوتها بشكل ظاهر لتعلن ارتياحها بزوال بن لادن، في بداية لاندثار حقبته التي ستبقى سيئة الذكر للإسلام والمسلمين وللبشرية أجمع. مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية عبر عن إشادته بالإعلان عن تصفية العقل المدبر للقاعدة أسامة بن لادن باعتباره خطراً تهدد بلادنا والعالم». وأضافت «كما سبق وأعلنا مرارا منذ اعتداءات 11 أيلول - سبتمبر، فإن ابن لادن لم يكن أبدا ممثلا للمسلمين ولا للإسلام». وكذلك فعل علماء مسلمين معتدلين حول العالم. لقد وصلت ثقافة العنف والتوحش معه إلى أعلى مستوى لها من التطبيق، ولعل رحيله يكون بداية الذبول، لكن ذلك أيضا يتطلب استمرار جاد نحو محاربة واجتثاث الثقافة التي قدمته، ومثلها، أو تلك التي سمحت بفكره الكارثي وتبريراته الشرعية المشؤومة أن تنتشر محلياً وعربياً وإسلامياً، وتعاطفت معه وساهمت في تقويته وانتشاره وتمويله. إلى لقاء