يجهرني كثيراً ما أصل إليه من أن الشغل الشاغل لعدد لا يستهان به من نساء السعودية والخليج هو تحقيق فكرة اصطلحن على تسميتها ب ""الرومانسية""! وتنحصر مفردات تفعيل الفكرة لدى كثير منهن فيما يلي: (شموع، ورود، إضاءة خافتة، وسائد أرائك على شكل قلوب (حتى في المقلّط)، أما في منافذ التواصل الاجتماعي، كصفحات فيس بوك وأجهزة بلاك بيري .. فهناك دنيا ثانية من الانتماء .. وتظهر على شكل صور لقلوب مكسورة، ومقاطع من قصائد شعبية تبارك استعباد الرجال).. إلخ. ولا بأس ضمنياً، لو افترضنا أن هناك نزعة للانتماء لحراك سلمي لتحديد هوية الذات، ولكن للأسف، الصورة في حالتنا مقلوبة، خصوصاً إذا علمنا أن الحركة نفسها قد قامت، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، كإرهاص مناهض لأصولية الثورة الصناعية ونخبوية عصر التنوير المرتبط بالطبقة الأرستقراطية وصنميتها. ما لا يعلمه البعض في المقام الأول، هو أن هناك إساءة استخدام للمفردة، فما تعلمناه من الأدب الإنجليزي هو أن ""الرومانطيقية"" تحررت حتى من ضوابط كنسيّة كانت تجرم ما شاع حينها بين عباقرة ومجانين هذه ""العلامة""! وما بقي للعوام هو الجو العام المحيط بالرومانطيقيين والمتعارف عليه بالرومانسية، كالمهادنة بفروسية، المواجهة الأدبية، الحوار .. مع استغناء كامل، في الحالة السعودية، عن ركيزة الحراك الروحي للتوجه وهو قوة المشاعر كوقود لتحقيق التعرف على التجربة الجمالية! ومن هذا، كان المنتمون الأصليون للحركة مدركين أن التجربة التي سيقبلون عليها قد تصل بهم إلى الدهشة والرعب والألم .. وحتى الذعر في أحيان كثيرة! إذاً .. المواجع موجودة! وهذا ما يصنع الجزء السادي في الفكرة! ويتأتي هذا من خلال جلد الآخر بناء على تجربة جمالية ناتجة عن تجريب جلد الذات، سابقاً، بعشق ما لا يعشق أحياناً! سأبسط الأمور أكثر! عندما شاع تنميط الصورة عند المرأة الخليجية عموماً، تكون أنثانا قد قتلت الرومانسية، بفهمها الجزئي والشكلي للمضمون، فالحركة قامت على الخروج عن المألوف والمتوقع .. بل الهروب منهما، وكان التنبؤ بمصير الأرض بعد الثورة الصناعية يقودهم لسوداوية المستقبل وجموده عند مصلحة الآلة والمال على حساب مساحات الانفتاح التي خصصتها الطبيعة للروح الإنسانية، إذاً هناك جمود مقبل يجب كسره، وذلك باللجوء إلى العفوية والبساطة Humble & Rustic Life التي تقود الشعور للاشتعال. أما عندنا، فبتنميط ""الرومانسية"" وتأطيرها، في عناصر مادية كالورود والشموع والقلوب .. تكون روح النزعة قد ماتت وتم تأبينها واستقبال العزاء! أبتسم في أحيان كثيرة عندما أقرأ مقاطع ساخرة مكتوبة على يد أنثى مذهلة القدرات، تقول في أجزاء منها مثلاً: (أبو فنيلة)، والمقصود هو الزوج السعودي أو الخليجي، (الفراشة والديناصور) .. يعني المرأة وشريكها في الحياة!! هنا أعتقد أن المؤسسات التعليمية (أساسي وعالي) مطالبة بالإفصاح أكثر عن المغالطات المترسبة في الذهن الجمعي، فليس كل الرومانسية ""مهند"" فقط! ولا تسعى الرومانسية في صلب مبادئها على تأكيد أهمية ارتداء الزوجة فساتين أفراح في المنزل .. بينما تقتضي أن يظل الرجل، في منزله، مرتدياً حذاءه الإيطالي وثوبه الكشميري وشماغه الإنجليزي أثناء تكريس ساعات من يومه للنظر إلى زوجته، فقط .. بأجفان ترتعش عشقاً!! الوضع بهذا الشكل مثير للشفقة .. وللحديث بقايا!