مؤخرا انتخب العرب ((talent هم )، و توجوا شاعرا ( حلمنتيشيا ) قولب حياتهم في مشهد مسرحي ساخر لا يتجاوز خمس دقائق ، فانحاز العرب للمضحك المبكي و لمراياهم التي تهزأ من واقعهم المرير و تناقضاته الفجة ، و على أن البرنامج قدم شيئا يسيرا من المواهب الملفتة إلا أنه وهو في رمقه الأخير لم يكن ليقارع ال((talentات )الأخرى في نسختيه البريطانية والأمريكية اللتين أصابتا المتفرج بالحيرة الحقيقية إزاء من يستحق اللقب لشدة التنافس و طغيان الإتقان ، ما جعل النسخة العربية تسمح للمحترفين بالتقدم و المثول أمام لجنة الحكم لرفع مستوى المواهب المنخفض إجمالا ، لكن الشعوب العربية لم تقصر و كثر الله خيرها أن لا يزال لديهم من يقول : هاأنذا ، و إن لم ينازل الخواجات و ((talentاتهم )، فرغم تكالب الأنظمة الفوضوية على بعضهم ، و رغم الفقر الذي هجم عليهم كإعصار فيه نار ، و البطالة التي هجّرتهم من مضاجعهم ، و العصابات المنظمة التي نهبت خيرات كثير من بلادهم و استأثرت ( بالنظام) بالولائم و استكثرت عليهم حتى فتات الموائد ، و تطاولت البنيان و صار واحدهم يعصر السحاب و هو ( يبلبط ) في ( الجاكوزي) ويتسابق المسحوقون لشراء الصحارى بدم العمر و رغم انعدام التقدير لهم و لنخبهم العلمية و المهنية ، ناهيك عن انعدام مؤسسات رعاية ((talentاتهم )( يا حبة عيني ) عدا خلافات الرأي و صراعات الفكر التي اقتلعت قناعاتهم و ولاءهم ، و قزمت أحلامهم و قصرتها على وظيفة بسيطة و رغيف حاف ، و حائط يستر حريمهم ، فلا يلام العرب على المستوى الإجمالي المتواضع و التعداد المنخفض لمواهبهم ، فالجود من الموجود في النهاية ، و يعاب على نسخة البرنامج العربية ظهورها والشارع العربي يعيش ( زنقة ) تاريخية ، و لم تصبر لحين يتقدم موهوبو العرب الذين نمت مواهبهم في بيئات حاضنة ملهمة برفاهيتها الطاغية و منابرها المتعددة ، فتخيلوا لو أن القذافي مثلا لا حصرا تقدم ( إلى الأمام ) واستعرض مواهبه الفريدة و قدراته الفارقة ، ألن يكون وبالا على ((talent ات) العالم أجمع !