ماحدث في معرض الرياض الدولي للكتاب ، وهو أهم واجهة ثقافية يتم التركيز فيها على أسس ومبادئ الحوار والأفكار، ولما يمثله في السنوات الأخيرة من ثقل ثقافي على المستوى العربي وبالتالي سمعته وسمعة المملكة عربيا وعالمياً ، يجعلنا نعيد التفكير عشرات المرات في المكتسبات التي حققتها البلد خلال السنوات العشر الأخيرة، وكل ذلك يحدث بسبب تصرفات «مراهقة» من قبل بعض طلبة الثانويات العامة الذين يتم تجييشهم عن عمد لإنكار الثقافة والكتاب لا إنكار المنكر. قلت في لقاء خاص مع معالي وزير الثقافة والإعلام بعد أن اعتدى مجموعة من الأشخاص على دور النشر وعلى الناشرين وعلى المتسوقين وعلى المثقفين إن هذا العمل منظم ، وإن الشباب الذين اقتحموا المعرض منذ اليوم الأول لافتتاحه الرسمي يمثلون تنظيما «ما» وإن هذا التنظيم يشكل خطراً كبيراً على الثقافة وعلى الاستقرار وعلى مكتسبات البلد الكبرى التي تتعلق بقيم ومبادئ سعودية إسلامية يرعاها الملك بصفة شخصية، الحوار والسلام، ما حقق لنا كشعب وللمملكة كدولة وجودا عالمياً يعطي للإسلام فهماً صحيحاً بعد أن أفسد عتاة الجريمة العالمية صورته وأكسبوه عداوات كل الأديان ومعظم الدول. العودة إلى المربعات الأولى ، زمن «الصبينة» وفرد العضلات انتهى ولا يجب أن نعود لها ، بل يجب ألا نسمح لأحد مهما كان وأيا كان أن يجرنا إلى الخلف تحت مظلة مأزق الفهم الكبير للمبادئ الإسلامية العظيمة التي تربينا عليها كمجتمع ، أهلاً وبيوتاً ... ما حدث هو محاولة «جر» واستعراض وفتوات لا تتجاوز أعمارها أعمار الحادي عشر من سبتمبر إلا بسنتين أو ثلاث، وباسم هذا الفهم يريد هؤلاء أن يفرضوا «معناهم» على أهلنا وأمهاتنا وإخوتنا وأصدقائنا وضيوفنا ، ما جعل «كل» الناشرين يتخذون موقفاً معلناً يبحث عن الأسباب التي أدت إلى جرأة مثل تلك ومن يقف وراء أزمة كادت أن تعصف بأهم تظاهرة ثقافية على مستوى العالم العربي. علينا أن نفهم أن اختراق أي مؤسسة حكومية باجتهادات هو اختراق للأنظمة والقوانين وتجاوز كبير عليها وبالتالي فإن القانون «يعاقب» ولا يتفرج على هذه الاختراقات أو يتعامل معها بالدعوة في ظهر الغيب أو في العلن من أجل تهدئة الأمور! وزارة الثقافة والإعلام هي الجهة المخولة والمنظمة ووضعت بحكم معرفتها وخبرتها إدارات ومؤسسات معنية بالتعامل مع الأحداث والمواقف وهم موظفون رسميون لهم منا كل الحق في الاحترام ما دامت ملاحظاتهم في حدود عملهم وداخل أنظمة وشروط المعرض، وأنا هنا أعني هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيهم كل الخير. أما مسألة إنكار وجود كتب يرى طلاب ثانوية عامة بأنها تمثل مخالفات شرعية لمفكرين ومثقفين وكتاب محليين وعرب وعالميين فهذا يدخل في باب التغذية السمية على مدى سنوات طالت كل المفاهيم والمصطلحات والأفكار المخالفة لفكر المتشددين ممن يرون أنهم الصواب وبالتالي فإن هويتهم التي طلبها منهم أحد الإعلاميين وقال له أحدهم بأنها «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» هي هوية قائمة، أيضاً ،على مأزق الفهم الكبير الذي يطال مفهومي المعروف والمنكر، وإلا فإن أفعال من اقتحموا هذه الاحتفالية الثقافية هي المنكر بعينه وبالتالي فإن من أهم واجبات من يرى أنه معني بالأمر بالمعروف أن ينهى عن هذا المنكر .