الشريان والحربي يسيئان للشيخ القرضاوي؟وكيف شارك الإخوان المسلمون في ميدان التحرير؟ أسقطت الثورة المصرية كثيرا من المقولات التي كان يروج لها خصوم الإخوان المسلمين لتشويه صورتهم أمام الجماهير. فقبل أن يتهاوى عن كرسية لجأ الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، في محاولة يائسة منه لشحذ همة واشنطن كيف تقف إلى جانبه، فزعم أن "الإخوان المسلمين" يقفون وراء المظاهرات التي تعصف بالنظام وبه شخصيا في ميدان التحرير. كان بود واشنطن لو تجد من يقبل معها هذا الادعاء المتهافت كي تبقي "مبارك" بعض الوقت على رأس السلطة لاستكمال دوره فيما تريده واشنطن وتل أبيب. لكنها وعن طريق عناصر مخابراتها الموجودين في كثير من المراكز الحساسة في مصر، علمت واشنطن أنه قضي الأمر، وأن الشعب المصري أحس أنه قد وضع قدمه على أول الطريق، وأنه ماض في هذا الطريق، وأن واشنطن لن تستطيع أن توقف زخمه حتى يتم إسقاط مبارك ونظامه. ورغم مشاركة مجموعات من الإخوان المسلمين مشاركة فعالة في مظاهرات ميدان التحرير وفي ميادين أخرى، إلا أنهم لم يكونوا وحدهم ولم يحاولوا إظهار وجودهم الإخواني رغبة منهم في أن يقيد العمل في خانة المصريين جميعا، وليس بخانة جهة محدودة بعينها. وحتى بعد أن أنهى الشيخ "يوسف القرضاوي" خطبة صلاة الجمعة في ميدان التحرير يوم18 شباط ، فقد حاول البعض من الإخوان أن يهتف بهتافات إسلامية مميزة، فنبهه الإخوان أن يتوقف عن تلك الهتافات، لأن اللجان المشكلة لمتابعة فعاليات احتجاجات المتظاهرين اتفقت على أن الهتافات يجب أن تكون باسم مصر وشعب مصر. بل إن الإخوان فعلوا أكثر من ذلك، عندما أكدوا بأنهم لن يرشحوا رمزا منهم ليكون أول رئيس مدني لجمهورية مصر، وأنهم لن يرشحوا لانتخابات مجلس النواب إلا أقل من نصف العدد المطلوب، كما جاء في بيانهم الذي سنشير إليه لاحقا، حتى لا يقال بأن الإخوان أرادوا أن يهيمنوا على أول مجلس مصري ينتخب انتخابا حرا. لذلك كان فاقعا ولا مصداقية له أن يكتب "داود الشريان" في عموده اليومي "أضعف الإيمان" في عدد الحياة يوم20 شباط، معلقا على خطبة الشيخ "يوسف القرضاوي" في ميدان التحرير في يوم 18 شباط الجاري، محتجا على منع "وائل غنيم"من صعود المنصة. على أن "داود الشريان" لم يكن الليبرالي الوحيد الذي احتج على منع "غنيم" من صعود المنصة. فقد أعانه على ذلك الليبرالي الآخر "خلف الحربي" في عكاظ في مقالة له في20 شباط الجاري، متهما الشيخ بما لا يليق حيث زعم أن الشيخ: (يبحث عن الاستئثار بالمكان دون منازعة من أحد). لقد دعي الشيخ القرضاوي للمجيء من قطر ليلقي خطبة صلاة الجمعة. فهل أراد "الشريان" و"الحربي" أن يلقي "غنيم" خطبة الجمعة بدلا من الشيخ القرضاوي؟ "وائل غنيم" أدى دوراً على "الفيس بوك" لا ينكره عليه أجد، أما خطبة الجمعة فلها أهلها قال الشاعر: ( فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى). على أنه كان بإمكان "غنيم" أن يطلب من اللجان المنظمة أن تهيأ فرصة أخرى له، وهي لن تمانع في إفساح الفرصة له، وهو الشاب المعروف بنشاطه. في سياق آخر، متى نافس الإخوان المسلمون الرئيس السادات على اعتلاء المنصات، ليقول "الشريان": (لذلك، ما حصل يوم الجمعة في "ميدان التحرير" يشير إلى أن الإسلاميين الذين فشلوا في الوصول إلى السلطة عبر المنصة التي كان يجلس عليها الرئيس الراحل أنور السادات، استطاعوا احتلال منصة "ميدان التحرير"). "الإخوان المسلمون" في مصر وفي غيرها إنما كانوا ينافسون في الدخول إلى المعتقلات، وليس في اعتلاء المنصات. اتق الله يا أستاذ داود في مقولاتك. فإنه ليس هناك أسوأ من حكم العسكر. وعندما تقول: (ربما يقبل الناس حكماً عسكرياً إذا كان البديل «جماعة الإخوان"). إنك تتكلم باسم الناس من دون أن يطلبوا منك ذلك. ثم إنك تصدر حكما مسبقا يا أستاذ داود بحق الإخوان المسلمين قبل أن يصلوا إلى الحكم، فتصف أن حكمهم أسوأ من حكم العسكر. إلا إذا كنت تعني أن حكم الإخوان أسوأ لواشنطن وإسرائيل من الحكم العسكري، فهذا صحيح، لأن واشنطن هي التي وطأت الحكم لمعظم الأنظمة العسكرية العربية، أو التي كانت خلفيتها عسكرية. ولمن لا يعلم نذكّر ببعض ما يريده الإخوان المسلمون كما ورد في بيانهم الذي أصدروه في يوم 9 شباط الجاري ونشرته معظم الصحف، وضعوا فيه النقاط على الحروف. أقتبس من هذا البيان فقرة بينوا فيها بإيجاز ما يريدون في مصر: ( نحن لا نتطلع إلى السلطة ولا نريد الرئاسة ولا المناصب ولا نسعى لكسب الغالبية في البرلمان، ولكننا نتطلع إلى الإصلاح الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والإعلامية وسائر جوانب الحياة ابتغاء وجه الله. والدولة التي نتطلع إليها إنما هي دولة ديمقراطية مدنية ذات مرجعية إسلامية، الشعب فيها مصدر السلطات وصاحب السيادة).