مشاري بن صالح العفالق - اليوم السعودية قبل أيام أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن صدور لائحة جديدة لتنظيم النشر الإلكتروني، هذا الإعلان أثار ردوداً متضاربة تتعلق مباشرة بأهداف الوزارة، وتقييم أصحاب المواقع ومرتاديها لمدى الحاجة لهذا التنظيم، وما يُراد منه. ولعل المتحدث باسم الوزارة الدكتور عبد الرحمن الهزاع حينما أشار إلى أن اللائحة ستخضع الصحف الإلكترونية والمنتديات وما شابه إلى الضوابط الخاصة بالإعلام في المملكة، أثار ردوداً غاضبة من البعض تتحدث عن تكميم الأفواه تارة وعن جدوى هذه الضوابط تارة أخرى أو الانحياز للصحافة الورقية في ظل تنامي دور الإعلام الإلكتروني الجديد. لكن هذه الافتراضات تحتاج إلى أدلة إثبات أو نفي، ولنتحدث بموضوعية .. فإن مناقشة هذا الإجراء يمكن لنا أن ننظر له من شقين: الأول يتعلق بمعالجة اللائحة للواقع، والآخر يتعلق بالمستقبل الذي ننتظره بعد هذه الإجراءات، خاصة أن الوزارة لم تغلق الحديث بل أكدت ترحيبها بأية مقترحات في هذا الشأن. من ناحية اللائحة فمن الواضح أولاً أن اللجنة التي تولت صياغتها كتبت البنود وفق خلفيتها في الإعلام غير الرقمي (الصحف والتلفزيون والإذاعة) لكنهم بعيدون كل البعد عن طبيعة العمل الإلكتروني، ولنعطِ أمثلة على ذلك تشير اللائحة إلى أن الصحيفة الإلكترونية هي موقع إلكتروني له عنوان ثابت، يقدم خدمات النشر الصحفي على الشبكة (نشر الأخبار، والتقارير، والتحقيقات، والمقالات ...إلخ) تصدر في مواعيد منتظمة، أو غير منتظمة، وتعرف المنتدى بأنه موقع الكتروني يسمح لأعضائه بطرح مواضيع متنوعة، والتفاعل فيما بينهم من خلال إجراءات يحدّدها المسئول عنه، فيما تشير إلى أن المدوّنة هي تطبيق من تطبيقات الانترنت، تتألف من مذكرات ومقالات ويوميات وتجارب شخصية، أو وصف لأحداث وغيرها، من خلال النص، أو الصوت، أو الصورة، مع إمكانية التفاعل مع ما يُكتب من خلال التعليق إلى غير ذلك من التعريفات. هذه التعريفات التي يبنى عليها تمايز في التعامل بين موقع وآخر لا تصلح أبداً - من وجهة نظري الشخصية - في العالم الافتراضي ذلك لأن موقع الأخبار يمكن أن يتم التعليق على ما يكتب به، فيما يمكن للمدوّنة أن تنشر هي الأخرى أخباراً بل إن وكالات الأنباء العالمية اعتمدت في حالات كثيرة على نشر الأخبار والصور التي تنشرها المدوّنات خاصة أثناء المعارك الدائرة في أفغانستان والعراق بسبب ضعف مستوى التغطية الإخبارية الرسمية، ويمكن أن يمثل المنتدى موقعاً إخبارياً من الدرجة الأولى ومدوّنة فريدة وهذا ينطبق كثيراً على منتديات الفرق الرياضية والمنتديات السياسية وغيرها، وكل ما سبق يمكن أن ينشر المواد المصوّرة والمسموعة، ويصلح لأن يكون موقعاً لبث البريد الإلكتروني أو رسائل SMS وغيرها من التعريفات التي طرحتها اللائحة. وعليه يصعب جداً في العالم الافتراضي وضع تصنيفات حقيقية، كما هو الحال في وسائل الإعلام التقليدية، ولعلي أسأل هنا القائمين على هذا التنظيم حول إمكانية وضع تنظيمات مستقبلية على تطبيقات Apple store التي بدأت تتزايد بشكل كبير وتنشر أخباراً ومواد مصوّرة ومسموعة وتتيح إرسال رسائل SMS أيضاً، أو التعامل مع ما يحدث من كشف لعورة الإنترنت من خلال أجهزة الهواتف والكومبيوتر والاجهزة اللوحية التي تجلب من الدول الأخرى، ومدى إمكانية السيطرة على groups BlackBerry وغيرها من الوسائل التي تتقدم يومياً وتستخدمها الجماعات الافتراضية على شبكة الإنترنت والشبكات الأخرى. أمر آخر يتعلق بالجزاءات وتجديد التراخيص التي تشير لها المادتان السابعة والسابعة عشرة، هاتان المادتان كفيلتان بتحجيم فعالية المواقع الإخبارية التي تعتمد على فورية النشر وعنصر التفاعلية، ثم لماذا لا تحال أية تجاوزات مثل القذف أو الشتيمة إلى القضاء مباشرة. وللعلم فقط فإن المواقع الإلكترونية بدأت في التراجع خلال السنوات الثلاث الأخيرة خاصة الشخصية والإخبارية فالأولى بدأت تنهار أمام سيل المواقع الإلكترونية الاجتماعية الكبرى مثل Facebook وtuiter وغيرهما الكثير، بينما الأخيرة بدأت تقل فاعليتها مقارنة بكبار ومشاهير المدوّنين وال groups والنوافذ الإلكترونية لوسائل الإعلام التقليدية، وهو ما يشير إلى أن تطبيق هذه اللائحة يمكن أن يزيد من الاعتماد على نظام المجموعات التفاعلية على الإنترنت، وهو ما لا يفضي للأهداف التي تطمح إليها وزارة الثقافة والإعلام من التنظيم الجديد، بل إنها ستنتهي إلى ابتكار أنظمة إخبارية جديدة يستحيل السيطرة عليها.