بالرغم من صرامة الجزاءات ودقة التحريات، والتعامل مع عصابات مهربي المخدرات، إلا أن المعركة طويلة على هذه الجبهات ومن يتسللون إلى حدودنا الطويلة، والرقم الذي أشارت إليه وزارة الداخلية بمائتين وعشرة مجرمين مهربين النسبة العليا من السعوديين، يضعنا أمام حقيقة ثابتة، بأن استهدافنا، سواء بسبب مغريات المال، أو ضمن حرب من قوى أخرى تدفع بعصاباتها إلينا ضمن الحرب السرية والمدمرة، فإن المكافحة مهما وصلت إلى الدقة والتعامل بعلمية مطلقة، إلا أن ما يتسرب يبقى مخيفاً قياساً إلى تزايد المتعاطين والمدمنين، وهي قضية لا بد من نشر وعي منظم، ليس فقط بطريقة التلقين، بل بطرح نماذج ممن غرقوا في لجة المخدرات، ومن يحاولون الكسب الحرام على حساب تدمير شبابنا، وبإعلان طرقهم وحيلهم حتى ننشر وعي المكافحة، وتجنب السموم القاتلة.. القضية ليست محلية أو إقليمية، يمكن السيطرة عليها بتعاون بين الدول وأجهزتها، بل هي عالمية الإنتاج والتصدير، والعملاء عصابات تستخدم كل الوسائل بتمرير بضائعها، حتى لو أدى ذلك إلى قتل من يلاحقونها، كما جرى لشهدائنا في أكثر من معركة.. وكما يجري على مكافحة الإرهاب الذي يأتي تمويله من زراعة وتصدير المخدرات، فإن هذا الزواج «الكاثوليكي» الذي ليس به طلاق، يعد قران مصلحة، وعملية أن يترك بلا تعاون دولي، سيبقى الانتصار للمجرم على المستهدف، ويقظتنا وأسلوب الملاحقة، وتوظيف عناصر على كفاءة عالية، لا يجعلنا بلا خطر، طالما ومن خلال أقل من ثلاثة أشهر قبض على تلك الكميات المهولة من مختلف أنواع المخدرات.. الدولة التي تكافح على كل الجبهات، الجريمة المنظمة، والإرهاب وقضايا المخالفات والسرقات، وغيرها، لا شك أنها تقوم بعمل غير عادي وأن كوادرها على مستوى المسئولية التنظيمية والإدارية، لكن مهما استوفينا الشروط، فإن المواطن يبقى العين التي تطل على كل الأبعاد، ويكفي أن تعدد الجنسيات بين المهربين يجعلنا ندقق بسلوك أبنائنا، أو الوافدين الذين يملأون مدننا وقرانا، وقد يكون البعض منهم وسيطا أو متعاونا، أو قياديا في عصابة دولية، لأن مسئولية المواطن، أن لا يتكل فقط على جهاز المكافحة، إذا ما وصل إلى معلومات دقيقة، أو حتى شكوك تقتضي الإبلاغ على اعتبار أن كل فرد وعائلة ومجتمع، هم في نطاق هذه الحرب الدائمة.. التقديرات المالية للكمية المقبوض عليها، والمعلن عنها في الأمس الأول، تغري أي مجرم بأن يغامر، وربما تحت وطأة المخدرات، وبما أن حدودنا الطويلة التي تضاريس بعضها معقد، وكذلك البراري والشواطئ الطويلة، إلا أن ذلك لا يعني الاستسلام، وإلا بقينا رهينة بيد المجرمين، وهذا ما يجعلنا نقدر جهود القيادات والعاملين بمن يسهرون على سلامتنا وأمننا.