محمد عبد اللطيف آل الشيخ - الجزيرة السعودية الضجة التي أثارها ياسر الحبيب، المتطرف الشيعي الكويتي، بقدحه في عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، أجزم أنه كان يبحث عنها. فهو ليس أكثر من نكرة، يتاجر بالتطرف، وإثارة النعرات الطائفية، لخدمة أجندات إقليمية. وليس له - حسب علمي - أية قيمة تُذكر في التراتبية العلمية الشيعية، سوى العمامة البيضاء التي تلتف على جمجمته؛ إضافة إلى أن جميع أبحاثه التي يدّعيها، ويبني عليها أحكامه، هي خزعبلات مفتعلة واستفزازية لا قيمة لها. من الحكمة في كثير من الأحيان أن يكون التعامل مع هؤلاء الأفراد مواكباً إما لأهمية الحدث، أو لأهمية مَن أثار الحدث. وعندما نتجاوز هذه المعادلة فنحن نزف مثل هؤلاء الانتهازيين بأيدينا إلى أهدافهم وغاياتهم. ياسر الحبيب رجل تافه، لا قيمة له؛ وأكد لي كثيرٌ من الأصدقاء الكويتيين هذه الحقيقة. وهو على الأرجح فقاعة إيرانية، اصطنعها الإيرانيون لأن من مصلحتهم أن يشحنوا أهل السنة على الطائفة الشيعية، فيضطر الشيعة العرب (مرغمين) إلى الارتماء في الحضن الإيراني، فيتحولون إلى ورقة ضغط سياسية تصب في مصالح الإيرانيين. وكل من يتابع الخطاب الإيراني الموجه إلى الخارج، وبالذات ما يتعلق منه بدول الخليج، يجد هذه اللعبة الطائفية من ثوابت السياسة الإيرانية في المنطقة العربية بشكل عام والخليجية على وجه الخصوص، ومن خلالها ينفذ الإيرانيون إلى التركيبة الداخلية للمجتمعات الخليجية، وتجيير الصراعات الطائفية لمصلحتهم. لذلك نجد الإيرانيين هم أكثر الناس حرصاً على إشعال نار الصراع الطائفي في المنطقة، وسكب مزيد من الزيت لإعادة إشعال هذا الصراع كل ما خبا. ياسر الحبيب لا أعتقد أنه أكثر من مجند صغير للإيرانيين في هذه اللعبة، لا تزيد مهمته التي انتُدب من أجلها عن إبقاء النعرات الطائفية مشتعلة. وهذا ما يفسر (تهريب) ياسر الحبيب من الكويت إلى العراق، ومن ثم إلى إيران، ليتجه من هناك إلى لندن، ليمارس العمل المعارض من هناك كما هو شأن كثير من المنشقين العرب والخليجيين. وفي رأيي أن البيان الذي يزمع إصداره مجموعة من العلماء والمثقفين الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة، والتي أشارت إليه جريدة (الوطن)، حول تجاوزات وافتراءات مثل هذا المأفون في حق أم المؤمنين - رضي الله عنها -، سيفوّت الفرصة على كل من أراد استثمار النعرات الطائفية في الولوج إلى توظيف التباينات الطائفية لمصلحة جهات خارجية، على حساب اللحمة الوطنية بين السعوديين. وهو تصرف يدل على أن الشيعة السعوديين على وعي بما يحاك لهم كطائفة من مؤامرات، تكون اللحمة الوطنية بين السعوديين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم هي الضحية الأولى لمثل هذه المماحكات الطائفية البغيضة. ومهما يكن الأمر فإن من أهم إيجابيات هذه المماحكات الطائفية المفتعلة، رغم تفاهة مشعلها، أنها (نبّهَت) عقلاء الشيعة في منطقة الخليج إلى ما يحاك لهم من مؤامرات، فيتم استيراد نزاعات تاريخية من غياهب التاريخ، وإعادة إحيائها من جديد، لتكون حطباً لنار يُلقى بهم فيها لإشعال الفتن؛ أما المستفيد من ذلك كله فهو الأجنبي. ولعل البيان المزمع إصداره، وكذلك التصريح الصحفي (المسؤول) الذي أدلى به الشيخ حسن الصفار حول هذه القضية، يجعلنا نطمئن إلى أن الشيعة السعوديين أذكى وأعقل من أن يُستدرجوا إلى مثل هذه الفتن.