رجل لبناني، ليس مستثمراً أجنبياً، للعلم والإحاطة، شاهد مواطناً سعودياً وهو يأكل بذور التفاح من كيس صغير يحمله بيده، قال له: «شو عم تأكل حبيب ألبي»، رد عليه: آكل بذور التفاح، قال له اللبناني: «معقول عم تأكل بذور تفاح؟ حدا بيستسيغ طعمها عشان يأكل بذور تفاح؟». السعودي حمد الله ثم قال: بذر التفاح مليء بالفوائد، وهو ينشط ويقوي الذاكرة ويرفع مستوى الذكاء، رد اللبناني: طيب ناولني كم حبة، قال له السعودي: لا. إذا أردت أبيعك عشر بذرات بقيمة 50 ريالاً! اللبناني: «يا لطيف شو هالغلا. لكن مع هيك هيدي 50 ريالاً، وأعطيني عشر بذرات». أكل اللبناني أول بذرة وما استلذ بها، أكل الثانية وسكت قليلاً، ثم صرخ في وجه السعودي: «لك العمى شو إني اجدب، كيف بتعمل فيي هيك؟ كيف بشتري عشر بذرات ب50 ريالاً، كان فيي اشتري عشرين كيلو تفاح ب50 ريالاً، وبشيل منهن ألف بذرة». هنا تبسم السعودي، وحمد الله وأثنى عليه، ثم أجابه بالقول: «شفت كيف؟ هذا من ثاني بذرة صرت ذكياً، فكيف لما تخلّص العشر بذرات؟». القصة من مرويات النكت والطرائف، وهي جاءت على غرار قصة التنبؤ الشهيرة التي نجح فيها الشاب في الضحك على الفتاة، وأعجبني فيها، إضافة إلى الفكاهة والمقلب، الحس التجاري لدى مواطني الذي تفوق على شطارة اللبنانيين، خصوصاً أن التفاح ينتج في لبنان، وجزء من ثقافتها الزراعية. يزعم الكثيرون أن الإخوة اللبنانيين أشطر الشعوب العربية في «البيزنس»، وربما يكون هذا صحيحاً، وأضيف إليهم الحضارم والسعوديين والكويتيين ثم السوريين، هذا عند الحديث على مستوى الأفراد، أما على مستوى الحكومات، فاسألوا أهل الجامعة العربية لأنهم «أبخص». ويزعم نفر من العرب أن اللبنانيين أكثر الشعوب إمتاعاً لأنفسهم في الملبس والمأكل، وأنهم أصحاب مزاج عال يعشق الحياة والطرب والمتع على أشكالها، وهؤلاء تكوّنت لديهم هذه القناعة، لأنهم لا يزورون في لبنان سوى المطاعم والمنتجعات و«السوليدير»، ولا يشاهدون من إعلامه سوى القنوات «السوبرية»، وبعضهم تكوّنت لديهم هذه القناعة من النماذج التي رأوها في بلدانهم من المغتربين اللبنانيين، وهم لا يعرفون أن هذا جزء من صناعة الانطباع، لأنهم بمظهرهم الفاخر يستطيعون رفع أجورهم مقارنة ببقية العرب، ويستطيعون الانخراط في الأعمال التي لها علاقة بالموضة والتصميم أو الترفيه كالمطاعم ونحوها، كما أنهم أفضل مسوق للماركات هنا، وهناك في لبنان، وربما هذا الذي ذبحهم «اقتصادياً». وعوداً إلى بذر التفاح أعلاه، فلو كنت مكان اللبناني، لبادرت المحتال السعودي «جربت شيء دبس التفاح؟» حتى استرد مالي.