الاقتصاد السعودي لا يشكو من قحط في السيولة، لذلك يمكن اعتبار حكايات جذب الأموال الأجنبية والأرقام من "سواليف" ألف ليلة وليلة. صحيح أن تباشير الفجر لم تظهر حتى الآن، لتسكت شهرزاد، لكن لا بد من خيوط الضوء ولو طالت ساعات الظلام. يخيل إلي أن هناك التباساً لدى هيئة استثمار رأس المال الأجنبي، ناتج من اسمها، كأنها تعتبر نفسها أجنبية. فأرقامها ومراتب متقدمة تفاخر بها تأتي من الخارج، بل انها من خلال ما سمي بالخدمة الشاملة أنشأت ما يشبه الحكومة داخل الحكومة. بدأت هيئة الاستثمار الأجنبي "السعودية" بجذب استثمارات "الحمص" والمطاعم، والورش الصغيرة، وجمع المال لاستخراج التراخيص بالتدوير، وعندما طالبتها بكشف تفاصيل الاستثمارات بشكل أدق كما تفعل جهات حكومية أخرى أو كما كانت تفعل لجنة الاستثمار قبل تحويلها إلى هيئة، رفضت بدعاوى أنها أرقام سرية!؟ نشر الرد في هذه الصحيفة، ولا شك ان للرفض أسباباً "واضحة" لا تخفى على القارئ، كلما تساءل الكتاب إلى أين ستقودنا سياسة الهيئة، وكيف حطمت مشاريع صغيرة وأحلاماً كبيرة، تقوم بإطلاق أرقام من مصادر خارجية، آخرها الاونكتاد، التابعة للأمم المتحدة وشقيقة منظمة الصحة العالمية صاحبة فضيحة فيروس انفلونزا الخنازير التي حققت أكبر شفط للأموال في التاريخ. قالت الاونكتاد إن السعودية تقدمت مراتب في جذب الاستثمار الأجنبي، ربما هذا يؤهل الهيئة لتوسيع قطاع صناعة المراتب، من الأسفنج والقطن وغيرهما، انه قطاع واعد يلجأ اليه البعض إما لرفع القامة والامساك جيداً بالمقود، أوللتشويش على أصوات داخلية، وعندما انكشفت فضائح تجارة تأشيرات مارسها مستثمرون أجانب قدموا من بوابة الهيئة تسترت على المسألة وهي شاطرة في شراء تقارير محطات فضائية. وانظر إلى الفرص الكبيرة التي قدمها مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ولمن قدمت؟ انظر إلى أموال الاكتتابات فيها وأين أصبحت؟ لا يبرز هنا على مستوى الأفراد سوى وظائف كبيرة الدخل محدودة لعدد محدود من الأحباء. وفي تصريح داخلي أخير للهيئة قالت بسرعة إنها غيّرت سياستها القديمة... ولم تثبت ذلك، أي من دون إفصاح معلوماتي دقيق يحترم الرأي العام "في الداخل"، إذا كان همها إقناعه أن قلبها على اقتصاد الوطن والمواطن. أما الخارج فليس بحاجة لهذه الأرقام والاونكتاد مثلاً على ماذا تعتاش وما هي مصادر أرقامها؟ أيجب التحدث عن المكاتب الاستشارية!؟ كانت الزميلة مرام مكاوي – مشكورة - نقلت لنا في صحيفة "الوطن" مشاهداتها لمحاضرة ألقاها محافظ هيئة الاستثمار الأجنبي، ومما ذكرته قوله إن السعودة أو توطين الوظائف ليست من أهداف الهيئة، وهذا ما يثبت ما ذكرته أعلاه من التباس جاء بسبب مسمى الهيئة لدى إدارتها، فإذا كان توفير الوظائف للمواطنين ليس من أهداف الهيئة، مع انه الهدف الأول الاستراتيجي للحكومة والدولة، لا يستغرب ما تفعله.