هل تصدقون أن حيوانا كالأخطبوط قادر على التنبؤ بما يحدث في قادم الأيام؟ شخصيا ما كنت لأصدق، رغم أن توقعات هذا الكائن الرخوي قد صدقت بشأن كأس العالم. ما يحيرني في الأمر هو كيف لأوروبا التي تؤمن بالعلم أن تنساق وراء توقعات حيوان لا عقل له حتى أنها أدرجته على رأس أخبار تصفيات كأس العالم لكرة القدم؟ كيف لأوروبا المتحضرة أن تؤمن بخرافة لو أقدمنا نحن، شعوب العالم الثالث عليها «لبهدلتنا» على الآخر؟ هل ما يزال الإنسان البدائي يعيش بداخلنا دون أن ندري؟ لقد ارتبط البشر بخرافات رافقت حياتهم لقرون طويلة قبل أن يكتشفوا «هبلها» و «هبلهم» هم أيضا ويخجلوا منها. قد يبدو للوهلة الأولى أن الخرافة ما تزال تسيطر على الإنسان حتى اللحظة، بدليل انسياقه وراء توقعات حيوان لا عقل له. لكن واقع الأمر ليس كذلك كما أراه. فرغم أن ما حدث لا يمكن تفسيره علميا ولا عقليا، إلا أني أجد تبريره المنطقي في شيء واحد: إنه الإيمان بالنجاح. فنحن عندما نطلب النجاح في أمر ما ونسعى إليه بكل قوة مع إيمان وثقة كبيرة بأننا قادرون على تحقيقه، فهو وبلا شك سيتحقق بفعل إرادتنا نحن وليس لأن أخطبوطا قال ذلك. ما فعله هذا الأخطبوط هو شيء بسيط، لقد قال إن الفريق الفلاني سينجح، ما أعطي لهذا الفريق ثقة في نفسه كي ينجح بالفعل. إنه مثل أن تردد في نفسك: سأنجح سأنجح سأنجح حتى توقظ الكلمة الإرادة في داخلك لتقودك ولا شك إلى النجاح. أقول ذلك وأنا أتذكر حادثة وقعت في طفولتي، يوم كنت أتعلم في مدرسة يعتبر الضرب فيها بالعصا شريعة مباحة بل ومطلوبة من المعلم. وخوفا من هذا العقاب الذي قد يصيبني في أي وقت كنت لا أغادر منزلنا إلى المدرسة قبل أن أدفع أمي دفعا كي تقول لي إنك لن تتعرض للعقاب اليوم و «على مسؤوليتي». كانت عبارتها هذه تدخل الشجاعة في قلبي وثقة مطلقة بأني لن أتعرض للعقاب. أمي لم تكن معي في المدرسة كي تنقذني من العصا، لكن ثقتي بما قالته أدخل ثقة أخرى بداخلي تتخطى ألم العصا والخوف منها. ما أريد قوله أن النجاح سواء كان في الهروب من العصا، أو في تحقيق كأس العالم، يرتبط بإيماننا بالنجاح وبثقتنا بأننا أهل له مهما كانت الصعوبات. هذا باختصار ما كان يقوله الأخطبوط، عندما يشير إلى أن هذا الفريق أو ذاك سينجح، فهذه الإشارة من هذا الحيوان هي المفتاح الذي أطلق إرادة قوية عززت ثقة الفريق كي يحقق نصره. إن كان من درس نخرج به من قصة الأخطبوط العجيب هذا فهو حاجتنا لأن نؤمن بأن في داخل كل منا أخطبوطا يجب أن نستمع لما يقوله، ليس لقدرته على توقع مستقبلنا، بل لقدرته على كشف حجم قوتنا العظيمة التي تقودنا إلى النجاح مهما كانت الصعوبات.