محمد العوضي -الرأي الكويتية قبل سنتين كنت أُقدم برنامج «قذائف» على قناة «الراي» ومن عنوان البرنامج يتضح مضمون الموضوعات التي سوف تطرح، وأردت أن أختم آخر حلقتين في حوار صريح مع الدكتور عبدالله النفيسي يتمحور حول قضية السلام مع إسرائيل ومواقف الدول العربية المعلنة والمستترة وتداعيات العلاقات الثنائية بين إسرائيل مع كل دولة عربية على حدة، ومن هم عرّابوا هذا السلام من الجسم العربي وما هي مصالحهم وقصة المقاومة المادية والسلمية... الخ. لكن الدكتور النفيسي اعتذر لي بكل صراحة عن المشاركة قلتُ له: البرنامج على الهواء مباشرة وسأتحمل تبعة جرأتك من قول الحق السياسي الذي ستدلي به، فكرر الاعتذار وأشعرني بأن البعيد يفتح له صدره وآفاقه الإعلامية أكثر من القريب وكانت خلاصة رسالته أن القوم هنا «لا يحبون الناصحين». وما حصل السبت الماضي كان تأكيداً لقناعات النفيسي وفضيحةً جديدة تضاف إلى ملف الخراب الإعلامي الكويتي، حيث رفضت جميع الصحف الكويتية والقنوات الكويتية الإعلان عن خبر محاضرة الدكتور عبدالله النفيسي بعنوان: «أمن الكويت بين أخطاء الخارج وأوضاع الداخل» وفي هذا المنع دلالات كبيرة أولها أننا كنا نظن ان ازدياد وتنوع عدد الصحف والقنوات الفضائية سيتيح فرصة أكبر للحرية ويفتح الأبواب للكثيرين من أصحاب الاطروحات الجادة والهموم الكبيرة والتحليل النوعي في شتى الميادين ممن أغلقت في وجوههم الأبواب. ولكن العكس كان هو الواقع اذ حل الاستبداد الاعلامي ضد أطراف حُرة لا تنتمي الى تيارات سياسية وتكتلات حزبية أو تمتهن مجاملات الكبار أو محسوبة على ذوي النفوذ. الدلالة الثانية: أنه يبدو ان الساحة الإعلامية الكويتية مفتوحة للصراع الداخلي بكل مستوياته حتى المبتذلة والعنيفة في تصفية الحسابات. لكن ثمة خوف وارتجاف لأي رأي يتناول علاقة الكويتية الخارجية واثر ذلك على استراتيجياتها المستقبلية الامنية والسياسية والاقتصادية والوطنية. وهذا التصور ان دل على شيء فإنما يدل على (طفولة وعي) وتناقض اذ اننا نرى كيف يمارس النواب والصحافة الهجوم على دول خليجية وغير خليجية وبعنف. فلماذا يستثنى النفيسي من فتح المجال له لابداء رأيه في ما يتحدث به غيره لا سيما ان الآخرين يراعون جمهوراً انتخابياً وحسابات ويحرك بعضهم من تكتلات بينما النفيسي - كما هو معروف عنه - له قناعاته الشخصية واستقلالية ذات مساحة لا يكاد ينافسه فيها أحد وفوق ذلك فإن طرحه لن يكون خطابياً كما حال الكثيرين وانما يستند الى رؤية تحليلية، بقطع النظر عن الاتفاق والاختلاف معه، أظن ان القضية شخصية... أي النفيسي بالذات هو الذي ينبغي ان يحاصر، ولكن هيهات في الوقت الذي تجاهلت الصحافة الكويتية خبر الندوة وغابت القنوات الكويتية رغم توجيه الدعوة لها، كانت «الجزيرة» حاضرةً وسجلت الحلقة وبثتها في سهرة الاثنين أول من أمس من الساعة العاشرة ليلاً لتمتد أكثر من ساعة ونصف الساعة مع الأسئلة والمناقشات. ففازت «الجزيرة» وسقط الإعلام الكويتي الحر المستقل!!!