جاءت الشائعة التي تقول: «وصول 30 سعودية كدفعة أولى للعمل كخادمات في البيوت القطرية»، لتثير ردود فعل ونفي من قطر، ومن وزارة العمل السعودية التي أكدت عدم صدور أي قرار عن الوزارة يسمح بعمل السعوديات كخادمات في المنازل، فيما أكدت السفارة السعودية في قطر أن هذا الخبر عار تماما عن الصحة، وأن السعوديات المقيمات في قطر يعملن بمجال التدريس ومجالات أخرى بحكم روابط أسرية تجمعهن مع بعض العائلات القطرية، وبحكم قرب المنطقة الشرقية من قطر. قبل ردود الفعل الرسمية من الدولتين، كان الكثير غاضبا، وهناك من وجدها فرصة ليصفي حساباته مع وزير العمل، وأنه المسؤول الأول عما حدث، وبعد النفي لم تتراجع هذه الفئة عن اتهام الوزير، مؤكدة أنه لا يوجد دخان من غير نار. لن أتحدث عن هذه القضية، وأن كل دول العالم لديها فئة تعمل في خدمة المنازل، بل هنا لدينا خادمات أو مربيات من ألمانيا وإنجلترا ومن دول أوروبية، ولم يغضب أحد ولا هي السفارات خرجت لتنفي تهمة العمل. قلت: لن أتحدث عن هذه القضية، لأن الكثير سيطرح السؤال المعتاد «ترضاها لأختك»، وحين تنتقد هذا السؤال، سيتم اضطهادك وتحذيرك من مغبة هذا، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من طرح هذا السؤال، مع أن سيد الخلق لم يطرحه في عمل شريف، بل لأن ذاك الرجل كان يريد أن يباح له ممارسة البغاء. وبما أننا سنتجاهل الشائعة، دعونا نتفق مبدئيا أن الغالبية العظمى تحتقر هذه المهنة، هذا يعني أنها تحتقر من يعمل بها وتراه أقل مرتبة من الإنسان، ومن الطبيعي أن يعبر الإنسان عن احتقاره لذاك الشخص ولو بالنظر، إن لم يصل لامتهان كرامة ذاك الذي يحتقره. وهذا الاحتقار بالتأكيد هو فعل أولي، سيصدر عنه ردة فعل ممن تم احتقاره، وستنشر الصحف بين حين وآخر عن جريمة قامت بها خادمة ضد مخدوميها. والمنطق يقول: إن أردت منع ردة الفعل، عليك أن تمنع الفعل/ الاحتقار، وإلا سيكون هناك ردة فعل دائما، ولو أن يدعس الخادم على ظل مخدومه إذ يمر بجانبه دفاعا عن إنسانيته. أخيرا: لا أريد تبرير الجريمة هنا، بقدر ما أحاول تفسيرها، أحاول أيضا أن ألفت الانتباه لعقل، يثور غضبا ضد عمل شريف، لكنه يرى أن تسول النساء أمام إشارات المرور والمساجد «لا تثريب»، فيما عمل المرأة خادمة إهانة لا تغتفر.