خلف الحربي * عكاظ السعودية الحاجة أم الاختراع .. هكذا تقول القاعدة العلمية، أما الخصوصية فهي خالة الاختراع وعمته .. هكذا تقول القاعدة المحلية التي تقوم على إعادة توظيف الاختراع كي يكون متوافقا مع العادات والتقاليد، ومن الأمثلة على تطويع التكنولوجيا لصالح خصوصيتنا: الدوائر التلفزيونية المغلقة لتدريس النساء. وقبل ثلاثة أيام نشرت «عكاظ» تقريرا مصورا عن سالم المسرحي ابن مكةالمكرمة الذي اخترع سيارة تسير في الطرقات دون سائق حيث يمكن التحكم في مشاويرها اليومية عن طريق شاشة وريموت كنترول، ومن وجهة نظري أن سالم هذا يستحق جائزة نوبل للخصوصية، لأنه سيحل ثلاثة أرباع مشاكل مجتمعنا إذا ما حظي اختراعه بالدعم وأصبح متوافرا في الأسواق. سوف يقضي هذا الاختراع العجيب على مشكلة عدم السماح للنساء بقيادة السيارات التي تعتبر من أخص معالم خصوصيتنا، فنحن المجتمع الوحيد الذي يعاني هذه المشكلة المزمنة، وهي المشكلة التي حولت النساء إلى كائنات مبتورة الأطراف، وملأت الطرقات بسيارات الليموزين، ووضعت الأسر تحت رحمة السائقين الآسيويين، حتى أصبح سفر السائق أو هروبه مشكلة أكبر من مرض الأب أو تطليق الأم، ناهيك عن خطورة ترك الأطفال مع السائق في المشاوير المدرسية أو غيرها. كما أن عدم وجود سائق داخل السيارة سوف يقضي على الفوضى المرورية التي نعيشها في كل لحظة، حيث يمكن برمجة هذه السيارات بطريقة ما بحيث تستوعب أن أولوية المرور في الدوار للقادمين من اليسار، وأن الانتقال من المسار الأيمن إلى المسار الأيسر لا يأتي عبر شعار: (علي وعلى أعدائي)!، فقد أثبتت التجربة أننا قوم نتعامل مع السيارة مثلما نتعامل مع الناقة حيث نوجهها يمينا وشمالا بحثا عن أسرع الطرق للوصول، حتى لو كان ذلك على حساب سلامة الآخرين. المفحطون ستظهر عندهم مشكلة كبرى حيث ستقضي هذه السيارات الرقمية على مهاراتهم الفردية وليس بعيدا لو استطاعت فتاة تجيد البرمجة أن تخرجهم من الساحة وهي جالسة في بيتها تهتف: (ملعوبة ياديجتال!)، أما أهل الغزل والفشخرة فهذه فرصتهم التاريخية حيث يمكن أن يقول الواحد منهم في الجوال: (شفتي الرولز رويس البرتقالي اللي تتمشى في التحلية .. هذي سيارتي الصغيرة بس أنا ما لي مزاج أطلع من البيت!). في حال انتشار هذه السيارة الرقمية فإن المرور سوف يخسر المخالفات المضاعفة، كما أن هناك من سوف يعيش حيرة كبيرة لأنه لن يستطيع تمييز السيارة التي فيها شبهة خلوة من السيارة التي خلوتها منها وفيها!.