كافأت شركة الاتصالات السعودية عملاءها الصابرين المحتسبين الذين يدفعون بصمت فواتير ترهق ميزانياتهم كل شهرين, بشهر مكالمات مجانية وشهر آخر للرسائل المجانية. الرسائل المجانية فجرت مفاجأة كبيرة أثارت دهشتي, ألا وهي قدرة السعوديين على ابتكار النكات الجديدة التي لم تقل قط قبل هذا الشهر. كان هناك إبداع حقيقي في سرد القصص والحكايات واضحة الفكرة والموقف, نكت مضحكة تتعلق بموضوعات الساعة وحول كارثة جدة والرسائل المجانية والسخرية من هذا كله, تشعر أن مؤلفها صنعها في تلك الساعة كتعليق على نتيجة مباراة أو معركة بعد مباراة, أو حدث اجتماعي, وإن كانت أكثرية هذه النكت تدور في فلك المحرمات الثلاثة الجنس والجنس والجنس. فنحن لا نحب النكت السياسية, وأعوذ بالله من ساس يسوس فهو موسوس! ولا نحب نحن السعوديون النكت التي تتعلق برجال الدين ولا بالدعاة لأن لحومهم مسمومة, كل واحد منهم بلا استثناء, حتى وإن كان الحديث يتعلق بلص يأكل من المال العام بالباطل أو ينهب أراضي الآخرين بالزيف والكذب! ليس كل ما في تلك الرسائل مضحكا، فقد ظهرت في تلك الطرائف والنكت إقصائية الذكر فكل النكت تصب في صالح الرجل ضد المرأة, كالعادة, وإظهارها على أنها الأقل ذكاء والأكثر بحثاً عن رغباتها الحسية, الأمر الذي يعرف كل عاقل عدم صحته, إلا أنه كانت هناك نسبة من الطرائف المضادة والتي تشعر أن وراءها أنثى. هذه الظاهرة جديدة بالفعل فنحن مجتمع سخرية وتهكم ولسنا مجتمع "نكتة" إذ بينهما فرق دقيق, فصناعة النكتة هي فعل ثقافي راق ونوع من تسجيل الموقف الذي يمثل الشارع وليس تهكما لمجرد التهكم, وهذا ما فعله السعوديون حتى ضد شركة الاتصالات نفسها إذ لم تنج هي الأخرى من وابل النكت والفرقعات التي تصب في خانة التنفيس, هذه الظاهرة الجديدة جديرة فعلا بالاحتفاء, لأنها تعبر عن وعي ورؤية في الجملة