مشاري الذايدي * الشرق الأوسط اللندنية الأسبوع الماضي توفيت والدة أيمن الظواهري، أعلن ذلك خال أيمن، محفوظ عزام، ابن عبد الوهاب عزام، القطب القومي الإسلامي الشهير. وقبل يومين نشرت جريدة «الشرق الأوسط» خبرا مدهشا كشفت فيه عن وجود ثلة من أبناء وبنات وأحفاد أسامة بن لادن في إيران تحت الإشراف الرسمي، وتمكنت إحدى بنات أسامة، وهي إيمان ذات ال17 عاما، من اللجوء للسفارة السعودية، وصرح أحد الدبلوماسيين السعوديين هناك للجريدة عن صحة هذا الكلام، وعن سعيهم لإعادة عائلة أسامة إلى السعودية. أسامة وأيمن، هما من يمسك بدفة أخطر تنظيم إرهابي عسكري إسلامي في العالم، هذا التنظيم الذي قلب حياة المسلمين، والعالم، رأسا على عقب، سواء قصدنا بالتنظيم المعنى الحركي المتماسك، أو مجرد كونه قوة «إلهام» وقدوة. حتى كتابة هذه السطور، ونحن نرى جماعات القاعدة تثور في اليمن، وباكستان تلتهب من حلفاء أسامة وأيمن، وهناك خلايا أخرى فب العالم لا تموت منها واحدة إلا وتنبت أخرى. جرائم «القاعدة» فتحت الجدل المخنوق حول الذات والهوية والتعليم والحداثة والديمقراطية والمرأة والأقليات. إذا صغرنا عدسة المنظار، سنرى نساء ترملت وأطفالا تيتموا وآباء وأمهات ينامون على وسائد الحزن بعد سجن أو قتل أو تشريد أبنائهم في مشارق الأرض ومغاربها، وكله من أجل تحقيق أهداف «القاعدة». تحول أسامة بن لادن وأيمن الظواهري إلى مجرد آلات صماء تحرض على القتل والتفجير وإشاعة الفوضى في كل مكان باسم شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، ومع الوقت ربما نسي الناس، أو بعضهم، أن هذين الشخصين من البشر ولديهما عوائل وأبناء وبنات وأمهات. تخيلت والدة أيمن الظواهري، سيدة مصرية متدينة من الطبقة المتوسطة، وتخيلت معها كثيرا من الأمهات المصريات، وتخيلت ذرية أسامة المنثورة في فلل الحرس الثوري، وهم مجرد شبان وشابات وأطفال ضاقت بهم الحيل، يكفي أن نعلم أن إيمان بنت أسامة كانت ذات تسع سنوات حين لجأت عائلتها إلى إيران سنة 2001 بعد حرب أميركا في أفغانستان. عوائلهم مثل عوائل بقية المسلمين والعرب، وقد ألحق أسامة وأيمن الضرر بهذه العوائل الصغيرة كما ألحقاه بعائلتهما الكبيرة: الأمة الإسلامية. لا يجوز أخذ إنسان بجريرة إنسان آخر، حتى لو كان أقرب المقربين، وليتنا نكرس هذا المبدأ، مبدأ المسؤولية الفردية للإنسان في المجتمع العربي والمسلم، فنحن مجتمعات تسحق الفرد لصالح المجموع، في الحالتين: الخطأ والصواب، إن أخطأ فرد من مجموعة اجتماعية معينة لُعن أبناء مجموعته كلهم، والعكس إن فعل شيئا يسر المجتمع. هذا سلوك غرائزي، يخنق المبادرة الفردية ويعود على التفكير الغوغائي. أم أيمن وبنت أسامة، لا شأن لهما بما فعل الابن والأب، ولكن لنا نحن الشأن، كل الشأن، بما فعله ملوك الموت والتعصب بنا، ما سيستمر ضرره ربما إلى عقود وعقود مقبلة.