هناك نساء جميلات، وفي قمة الأناقة في الملبس، وفي ذروة الأدب والخلق، ويجمعن مع هذه الخصال -أحياناً- سعة الاطلاع وعمق الثقافة، ومع ذلك يعانين من فشلهن في تجربة الزواج، بل الزواج المتكرر، برغم أنه ليس هناك عوامل خارجية تفصل بينها وبين زوجها، ولا عوازل في الطريق، ولا خصم لها سوى نفسها، فما هو السبب يا ترى في ذلك؟ أعتقد أن أحد أهم الأسباب التي تتراءى لي عندما أحدق في حال كثير من النساء، هو أنهن يعطين عن أنفسهن الانطباعات الخاطئة أمام الشريك، أعرف جميلات يعتقدن أنهن مصابات بلعنة أو بعين أو حسد أو سحر عقد بينهن وبين أزواجهن، ولست هنا لأناقش هذه القضية، فالحسد مذكور في القرآن الكريم، وإنما أريد أن أقول إنه في كثير من هذه الحالات كان السبب هي المرأة نفسها وليس الحسد، هناك نساء يسئن لأنفسهن بالغ الإساءة دون أن يعلمن أنهن يفعلن ذلك، هناك زوجات عندما يتحدثن عن تجربتهن الزوجية يبدأنها بالحديث عن قدرهن التعيس و(البخت المائل)، وأنهن لا يمكن أن ينجحن في أي حياة بسبب الحظ غير الموفق، وأنهن يتوقعن أن يفشلن في كل حياة مستقبلية، وأنهن سيعشن وحيدات طوال عمرهن، وأنهن لن يجدن من يحبهن حقاً ويرغب في علاقة مستمرة معهن للأبد، هؤلاء النسوة عندما أدخل معهن في نقاش تظهر لي الحقيقة مباشرة على السطح، فهن نساء متشائمات منذ البداية، فالواحدة تعمل في وظيفة لا تحبها وتراها مثيرة للملل، ومع ذلك تستمر فيها، لأنها تعتقد أنها لن تستطيع أن تحصل على وظيفة أخرى غيرها، وأن القدر لن يجود بمثلها لو تركتها، وتبقى رغباتها الحقيقية وما تجد نفسها فيه مجرد أمانٍ لا تتحرك باتجاهها خطوة واحدة، وتمر السنون وراء السنين دون فعل شيء، ولا بناء مشروع متراكم متدرج، لا ترى سوى غرق مُطبق في الانهزام وقتل الطموح، هؤلاء النسوة، تجد أن هذا النوع من السلبية ينطبق تماماً على نظامهن الغذائي وعلى نشاطهن البدني وحبهن للرياضة والحركة والنشاط. إنهن باختصار نساء مهملات لأنفسهن، ولا يحببن أنفسهن بالقدر الكافي، كثير منهن تصاب بصدمة عندما أقول لها إنها هي كل السبب ولا سبب غيرها، وإن طريقة تعاملها مع ذاتها قاسية جداً، وإن «نفسها» تستحق منها دلالاً أكبر ورعاية أفضل، وإن هذه الطريقة في جلد الذات والتقليل منها تنعكس على طريقة الآخرين في التعامل معها، إذ كيف تتوقع المرأة من الرجل أن يتعامل معها باحترام وهي لا تحترم ولا تحب نفسها؟ إنها تعطيه رسائل سلبية لكي يتعامل معها بنفس الطريقة التي تتعامل هي فيها مع نفسها إن لم يكن أسوأ، وكيف نتوقع من أحد أن يحبنا ونحن لا نحب أنفسنا؟ ما نأخذه كقناعة إلى دواخلنا يؤثر فينا من جهتين، الجهة الأولى: أنه يوجه سلوكنا وطريقة تصرفنا ومواقفنا، والثانية: إنها تخلق نوعا من التوقع حول ما نستحق من تعامل، وينعكس سلوكنا أمام الآخرين، ويُشكل الصورة التي سيقررون من خلالها التعامل معنا، وينتقل توقعنا في منطقة اللاوعي، ويستجيب الآخرون لهذا النموذج ولهذه التصورات التي ننقلها لهم، وتأتي النتيجة كتأكيد لذلك. ولهذا لابد للمرأة من قبول الذات ومحبتها قبل كل شيء، فهي بوابة لأن يحبها الآخر ويحترمها.