أحمد عبدالرحمن العرفج - المدينة بعد هذه التَّجربة الطّويلة في الكتابة «المُختلفة»؛ يخرج المرء بفائدة: «ما لم تكن معنا فأنتَ شاذ تُحب الشّهرة»! والغريب أنَّ هذه العبارة -أعني عبارة «خَالِف تُعرف»- تُقال مِن سنين لأُناس تجاوزوا «حاجز الشّهرة»، وتعدُّوا منطقة «الطَّرح مِن أجل الشّهرة»، ولكن الخصوم هُم هُم، «مَكانَك قِفْ» وليس رَاوح! لماذا يجب على المرء أن يسير مع القطيع، وإلَّا فهو -»قطعا»- سيتّجه إلى حظيرة «خَالِف تُعرف»؟! لماذا يجب على الكاتب أن يطير مع العجاج، ويُصدِّق كُلّ الدّجّالين والمشعوذين؛ ومُستغلِّي هذا الدِّين العظيم وإلَّا فهو شاذ؟!.. ومَن «شذَّ شذَّ في النَّار»! لماذا يُحجر على المرء في داخل دائرة المجموع؟!.. هذا الكثير الذي حذَّر الله -جلّ وعزّ- منه حين قال: (وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن في الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)! لماذا يجب على الإنسان أن يسير خلف «الخبيث»، ألأنَّه كثير؟!.. (وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ)! لماذا يجب على المرء أن يكون صورة كربونيّة؛ مِن ملايين البشر في مجتمع يُحب أن يبقى وكأنَّه عيون الصِّينيين، كُلّها متشابهة في الحجم واللون والرُّؤية؟! لماذا لا يُفكِّر المرء بأن يكون مِن القليل؛ الذي أثنى عليهم الرَّحمن –جلّ وعزّ- حين قال: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)؟!.. (وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ)... إلخ! لماذا يصبر الإنسان نفسه مع الذين لا يُريدون في الأرض تفكيراً، أو تدبّراً أو تأمّلاً؟! لماذا يضيق النَّاس عُذرا بالتَّنوّع والاختلاف؛ الذي هو هبة مِن الوهَّاب الكريم؛ حين قال: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)؟! لماذا يُحاسبك النَّاس على شيء؛ تكفّل المولى والحكيم -جلّ وعزّ- بفعله، وأنَّه يدخل في دائرة اختصاصه سبحانه وتعالى، حيث قال: (إنَّ إلَيْنَا إيَابَهُمْ، ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)؟! لماذا يُحاسَب شاعراً مثل شاعر السّيف والقلم «البارودي» حين قال: أَسِيرُ عَلَى نَهجٍ يَرَى النَّاس غيرَه لِكُلِّ امرِئٍ فِيمَا يُحَاولُ مَذْهَبُ! لماذا يُفرض على الخيول الأصيلة «أن تكون مع «الشّقراء»؛ التي بلا معالم أو جغرافيا، لذا يُقال لها «مع الخيل يا شقرا»؟! إنَّ القلم بكثير مِن التَّواضع، وجليل مِن الثّقة بالنَّفس، يقول لكُلِّ الأقوال السَّابقة «سمعنا وعصينا»، لذا ها هو القلم يطير وحيداً فريداً، فمِن عادته ألَّا يطير مع السّرب!.