دعوهم.. فالامر لن يطول باذن الله وستشاهدون بأم اعينكم القتال داخل الكتيبة الواحدة، فهم كالعناكب يخططون ليفتكوا بخصمهم، واذا اختفى ذلك الخصم تفرغوا لبعضهم فجندل بعضهم بعضا، انهم عراة مكشوفي الستر ... ومها تكن عند امرئ من خليقة وان خالها تخفى على الناس تعلم سقيمي الفهم، معطلي الحواس والاحاسيس، تمردت عليهم الحكمة، فافردتهم مع هبالتهم يتهوكون في نصوص الشريعة، فيفهمون ما يريدون ويريدون ما يفهمون ... وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم اتت فرصتهم –كما يحسبونها- حين سمعوا عالماً شرعياً وعضواً محترماً في هيئة كبار العلماء يوضح وجهة نظره ويبرئ ذمته، فتعاولوه بسيوفهم حتى علا الغبار ثم رفعوها فاذا هم قد مزقوا دثارهم وبعثروا تربتهم، فتلفتوا فاذا بالشيخ ينظر اليهم من شرف بعيد عال يتبسم تبسم المنتصر ويقول :"بئسا للقوم .." حسدوا الفتى اذ لم ينالوا سعيه ..... والقوم اعداء له وخصوم كضرائر الحسناء قلنا لوجهها ...... حسدا وبغضا ان لدميم وبعد ان نزل من علِ ليحرر نفسه من قيود المسئولية ورقابة السيطرة نظروا فلم يجدوا الا انفسهم وسيوفهم تقطر غباراً من رماد فكرهم، فهجموا على بعضهم هجمة الغبي البائس يقطعون سواعدهم ويجدعون انوفهم. وهذا نص جديد لقصة حبكتها الطبيعة الليبرالية، قصة غبي يقرأ في جريدة صاحبه -الأغبى- تحقيقاً صحفياً لاحد اعدائهم فرفع سيفه المثلوم وضرب صاحبه-صاحب الجريدة- حنقاً وغضباً، انتهت القصة، ومن مضحك القصص ما قصر وذل. انه حقاً فكرٌ مشوه لذاته، عقيم لغيره، لا يخيف ولا يروع، بل هو كصفير ليل اصدرته حشرات المساء المتكابرة، اشتغلوا بمساوي البشر فدعوا للرذيلة بدعوى التحضر والتمدن. شر الورى بمساوي الناس مشتغل مثل الذباب يراعي موضع العلل ضخموا ذواتهم بعبارات المناطقة والفلاسفة، تعلموا كلماتهم عبر سفسطائية عجفاء فاستقروا في رحم البلاهة يهوون يوما بعد يوم نحو قاع سحيق تسمع جلبة وقعتهم كهشيم المحتضر. يتوهمون انفسهم في حلبة صراع، فأحدهم في الحلبة نحيل هزيل عاري الجسد لا يستر عورته سوى ورقة خريفية، يتأهب لنزال وهمي صنعه بعقليته الضلّيلة، والآخر قزم متكور على قفاه في دهاليز المدرجات المظلمة يصفق لصاحبه. لقد احرجونا "شرهونا " مع ليبراليي العالم المتحضر الذين تمثلوا حرية التعبير وتقبل رأي المخالف وتعددية العقائد كمبدأ ومعيار، اما ليبراليينا فلا هم تلبرلوا "مع الناس المتحضرة" ولا هم تسموا باسم تفردوا به وصنفوا فكرهم بمصطلح نعرفهم به ، ولكنهم والله مخلفات الليبرالية الصفراء. وقد وصفهم موحد هذا البلد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بقوله : " إنني لأعجب أكبر العجب، ممن يدعي النور والعلم، وحب الرقي لبلاده، من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها، ما نوهنا عنه من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كل أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، رحمةً وهدى لنا ولسائر البشر... " دعوهم ..وركزا على مبدأ الإصلاح الذي دعا اليه رحمه ايضاً عندما قال : " فالواجب على كل مسلم وعربي، فخور بدينه، معتز بعربيته، ألا يخالف مبادئه الدينية، وما أمر به الله تعالى، بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه، فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة، والعلم الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة، وكل ما من شأنه أن يمس الدين، والسمت العربي، والمروءة، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده، الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة، التي تحث على عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل ... " دعوهم ... وتخيروا الادوات الحكيمة للدعوة، ركزوا على التغيير الشامل المتدرج القائم على كتاب الله وسنة نبيه، دعوهم فهم سيركضون خلفكم لتتبع الزلات والاخطاء وانتم بشر والخطأ وارد، وليجدوا ما شاءوا فالذيل يتعلق به الجعل، دعوهم واجمعوا اوراقكم ونظموا صفوفكم وليكن همكم نصرة دين الله ثم نصرة الوطن ومليكه، فالوطن والملك بحاجة لكم وليس بحاجة لمهاترات سطحية مع انصاف الرجال، دعوهم واهتموا بالطحن ودعوا لهم الجعجعة، وكونوا مسؤولين راشدين، فجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتقنية صرح رائد حلمنا به كثيراً، فهو فرصة للتأثير الذي بحثنا كثيرا عنه، انها فرصة للتأثير في اولادنا ذكورا واناثا، وللتأثير في اولاد المسلمين، وللتأثير الحقيقي في غير المسلمين، فكيف بكم وانتم تقطفون ثمار تأثيركم في أناس أتوا ليتعلموا العلم النظري المادي فاصبحوا مسلمين ينحلون نحلكم، والله إنها لسعادة الدنيا والآخرة. دعوهم وانطلقوا للأمام ولا تصغوا لفحيحهم ورائكم، ولا تهتموا بزحفهم، فمن يزحف يزحف على بطنه، ومن يسير يسير على قدميه، وانتم تسيرون على أقدامكم ورؤوسكم للأعلى شامخة بنور الإيمان، فقد اشغلوكم بحدث طبيعي في ظاهره ومضمونه ولتركنوا لما ليس لكم به نفع. الهى بني تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم وليكن لكم في المكان أثر، فالباب مفتوح فلا تغلقوه بتسرعكم ورؤاكم المتحمسة، فهناك الانشطة والمنابر والمكتبات كلها في جامعة الملك عبدالله تنتظركم، وحكومتنا تحث على اقامة شرع الله في كل مؤسسة تعليمية، ومليكنا يدعو لذلك. وليكن لتوعية الجاليات صفحة هناك وللأوقاف والدعوة صفحة اخرى ولكل مؤسسة ايمانية وفرد معتدل وسطي صفحة يسطر فيها اجمل وانقى مسار، فالكل على ثغر، والكل يعرف ان الحق معكم ولا نحتاج لاثبات او دليل. وليس يصح في الاذهان شيء اذا احتاج النهار الى دليل وكما قلت لكم فهي فرصة، ولو بحثنا عنها في كل سبيل لم نجدها إلا منثورة مقطعة، وهي الآن تبدو واضحة المعالم جميلة المطلع متراصة الاهداف، ولم يبقى سوى عزيمة صادقة وتخطيط راجح وبناء قويم سليم، فكما قال عنترة : " ....وافضل الخطة الصماء..". وتصيدوا الفرص السانحة وتغافلوا عن هرطقاتهم مع التحرز واخذ الحيطة والحذر. من يقظة بالفتى اظهار غفلته مع التحرز من غدر ومن ختل اما هم فدعوهم ارجوكم في شتاتهم، وعشوائيتهم الصارخة، فليس لهم إلا جعجعتهم اليتيمة، التي حبكتها افواههم الشوهاء، وصرخت بها حناجرهم المتورمة، وسنشاهد الاعجب فالايام حبلى.