انباؤكم - فضيلة الشيخ / محمد بن علي البيشي الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبي الأمة، وعلى آله الكرام والتابعين لهم بإحسان : أما بعد . . . أسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام ، وعيد مبارك . إن من أبرز معاني وأهداف اليوم الوطني هو ترسيخ مفهوم المواطنة والانتماء من وجهة شرعية واجتماعية ، و تظهر أهمية هذا اليوم بجلاء عندما نتفق في أن الانتماء الوطني قد أسيء فهمه لدى البعض بدعوى تعارضه مع مفهوم الانتماء للأمة، فجاء هذا اليوم لتوضيح بعضٍ من المعالم الشرعية والتاريخية لمفهومِ المواطنة، والتأكيد على ما للوطن والوالي من حقوق و واجبات تجاه المواطن المسلم ، وما للمواطن تجاههما كذلك في المقابل ، إضافة إلى إزكاء روح الانتماء لهما ، وبيان الآثار السلبية المترتبة على الإخلال بهذا الأمر الجلل – ومن أظهرها الفكر التكفيري البغيض ، و الخروج على ولاة الأمر و فقهم الله ، وإحداث التخريب بشتى أنواعه ؛ من تفجير ، و سفك الدماء - مما يعتبر أمراً مهماً ، وعملاً نافعاً ، يُسجل لكم -خادم الحرمين الشريفين – ؛ سيراً على نهج والدكم جلالة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن – رحمه الله-، وعلى خطى أخيكم جلالة الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله . ولا شك -أيها الملك المفدى - أن رقي الأمة وتطورها متعلق بسواعد أبنائها البررة – خاصة طلاب العلم الشرعي ، وأصحاب التخصصات العلمية الأخرى -، الذين يجب عليهم أن يؤمنوا بأن الوطن ليس اسماً مُفْرَغَاً ،أو مجرد هُوِيَّةٍ يُنتمى إليها ، بل هو أبعدُ من ذلك ؛ ليشمل الانتماءُ معانيَ الفطرةِ والبِرِّ والديانة ؛ لأنه الأمر الذي لا يُساوَم فيه ولا عليه ، كيف لا !! والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال : بشأن مكة عند هجرته منها : (ما أطيبك من بلدة وأحبك إليَّ ، و لولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك ) ، وثبت عنه في قصة أخرى أخرجها الأزرقي في " أخبار مكة" عن ابن شهاب : أنه صلى الله عليه و سلم ( سأل أُصيلاً الغفاري عن مكة لما قدم عليه المدينة - قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي - فدخل على عائشة رضي الله عنها فقالت له : يا أصيل ! كيف عهدت مكة ؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها ، وابيضت بطحاؤها ، قالت : أقم حتى يأتيك النبي فلم يلبث أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : (يا أصيل ! كيف عهدت مكة ؟) قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها ، وابيضت بطحاؤها ، وأغدق إذخرها، وأسلت ثمامها، وأمشّ سلمها، فقال: ( حسبك يا أصيل لا تحزنا ) !!. خادمَ الحرمين الشريفين . . . المملكة العربية السعودية هي الدولة الشرعية التي تعاقب عليها ولاة أمرٍ صالحين مصلحين , يرعون شؤونها , و يديرون أوضاعها , ببيعة شعبيّة إسلامية مهما تعاقبوا – أدام الله ظلهم - , وفاءً لعهد , وعملاً بوعد. وهؤلاء هم الذين أمر الله سبحانه وتعالى , وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بطاعتهم و بيعتهم , ولا يستقرّ أمر المسلمين على أرضها ؛ إلا بإعطاء صفقةِ يمين: بالسّمع والطاعة, وهذه البيعة عهد مع الله , يحرم نقضه والإخلال بمضمونه. خادمَ الحرمين الشريفين . . . فالمنظور الشرعيّ لهذه المحبّة , المرتبطة بالوطن , بشموليّته " الأم الكبرى" في المفهوم الشرعي والاجتماعي ؛ يقتضي المحبّة والولاء , والثبات على ذلك , بعقيدة راسخة , وحبّ عملي لا قوليّ مجرد . أخيراً . . . أنتم الذي لا تنكفِئُ جهودكم تعلو هامة أعمال الخير والبر والدعوة إلى الله في هذه المملكة المباركة ؛ أسأل الله تعالى لكم دوام التوفيق والسداد والنجاح . وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة الشرقية عضو الجمعية الفقهية السعودية بكلية الشريعة الرسالة