لدينا -بالإضافة إلى أكبر احتياطي نفطي، وأكبر فضيحة توقف الكهرباء في نفس الوقت- أكبر احتياطي "تصنيفات" بشكل غير مسبوق. (ليبرالي، علماني، جامي، إخونجي، سروري، قطبي، قومي، حكومي) وهي كلها تفرق أبناء البلد الواحد وتشتت انتماءهم إليه، بل وصلت هذه التصنيفات –حسب رواية أحد الزملاء في سلك التعليم- إلى المدارس، فبعض طلاب المتوسطة يتنابزون بنفس الألقاب التي فتحت بها المقال. من الذي علمهم هذه التصنيفات؟ هل جاءت من السماء؟ أم من الغزو الفكري؟ هذه التصنيفات موجودة خرجت من رحم السجالات التي سادت في المجتمع لفترة من الزمن. الغريب أن الرموز الفكرية- التي كانت على خلاف حاد أثناء غزو الخليج- تصالحت وأصبحت سمنة على عسل، بل غزلاً على غزل، بين الدكتور غازي القصيبي والشيخ عائض القرني أجمل المشاعر الأخوية، وخذ مثلاً تعاون محمد عبده مع الشيخ عائض القرني الذي تطرقت له قبل ذلك وما زالت أصداء التعاون تطلق شرراً بين مؤيد ومعارض. من الرائع أن يترفع الرموز الذين يستند عليهم الأتباع مهما كان اتجاههم بهذا الشكل الجميل حتى لو جاءت هذه المشاعر الجميلة بعد فترة من الزمن، هذا زميلنا الأستاذ عبد الرحمن الراشد يقول: "سلمان العودة أكثر انفتاحاً مني" وهذا الدكتور تركي الحمد في حوار "الوطن" معه بالأمس يقول بالنص: "ما نطالب به في الماضي يطالب به العودة والقرني اليوم". لن ندخل في جدل أيهما ولد أولاً الدجاجة أوالبيضة وأعني به جدل من الذي تغير المشايخ أم المثقفون، أم الدنيا برمتها؟ ولكن يكفي أن نعترف بأن المرحلة تغيرت وأن الروح الوطنية هي الروح التي جعلت هؤلاء المثقفين والمشايخ يتبادلون عبارات الود والأخوة مهما كان الاختلاف في الرأي واضحاً. قال أبو عبد الله غفر الله له: يكفي أن نستلهم كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما قال إن التصنيفات يجب أن تقف، وإننا كلنا ننتمي إلى الإسلام وإلى بلد الإسلام، ولا داعي لتغذية العنصريات الفكرية، خاصة وأننا شبعنا من العنصريات القبلية والبركة في برامج الشعر ومجلات الشعر الشعبي وشعراء القلطة، وطلاب المتوسطة أولى لهم مراجعة دروسهم بدل استخدام مصطلحات لا يفهمونها ولا يعرفونها.