عطفاً على سوء الخدمات التي تقدمها الخطوط السعودية سواء في مكاتب الحجز أو في المطارات أو في الطائرات فإن الخطوط العربية السعودية بحاجة ماسة لشركة كبرى في مجال العلاقات العامة لتحسين صورتها المهزوزة وتعزيز سمعتها لدى المستفيدين خصوصاً مع النفس التطويري الذي ظهر منذ استلام المهندس خالد الملحم رأس الهرم التنفيذي في الخطوط السعودية ولا يكفي في نظري هذا الزخم الهائل من الإعلانات والحملات الإعلامية... هذه فكرتي في السابق ولكن بعد أن جربت مأساة السفر عن طريق شركة ناس علمت أن الخطوط العربية السعودية لو تعاقدت مع جميع شركات العلاقات العامة في العالم لما استطاعوا تحقيق ربع ما حققته ناس لها من سمعه وكما تقول عجائزنا دائماً ( تعرف خيري إذا جربت غيري) دعوني أبدأ لكم الحكاية من البداية : توافق أني كنت على موعد مع رحلتين متعاقبتين الأولى داخلية والثانية دولية الأولى كانت عبر ناس والثانية عبر الخطوط السعودية مما جعل أمر المقارنة لا مناص منه كانت الرحلة الأولى على ناس الساعة (11.00مساء) فاجأني إتصال من شركة ناس تخبرني فيه بتحويل الرحلة وتقديمها من المساء إلى الرابعة عصراً وكان الاتصال قبل الرحلة المحول عليها بثلاث ساعات أي الواحدة ظهراً مما يعني أن ترتيبي لذلك اليوم إنقلب رأساً على عقب ... وبعد حوار مع الموظف الذي ذكر أن سبب تحويل الرحلة صيانة دورية للطائرة رجوته أن يحترم عقلي قليلاً ويعطيني عذراً يمكن تصديقه أما أن الصيانة "حبكت" في هذا اليوم وهذه الرحلة وهذه الطائرة بالذات فهذا ما لاأصدقه قلت له أرجو أن تكون المكالمة مسجله فقال لي : نعم " لعله يريد إرهابي من أن أشتم أو أتلفظ عليه وعلى شركته" فقلت له : لاأظن أنها مسجله وعلى العموم أخلاقي تأبى علي أن أشتم لاتخف ولكنها رسالة أريد أن تصل إلى مسؤوليك فتكلمت معه كلاماً طويلاً حول ما يجب وما لايجب فقط لأخفف الاحتقان النفسي الذي أصابني المهم رضيت بما قسم الله وذهبت إلى المطار بعد أقل من ساعة من المكالمة فهكذا مواعيد وهكذا شركة لاتؤمن بوائقها ولما وصلت المطار تذكرت أول رحلة جوية في حياتي قمت بها نفس القلق والترقب والخوف من المجهول ماذا لو أجلت الرحلة إلى يوم أخر ماذا لوكانت الرحلة قدمت في الدقائق التي أقفلت جوالي فيها وأقلعت وتركتني لاتعجبوا هذا ما دار في خلدي لبضع لحظات المهم تجاوزت نقطة التفتيش الداخلية الأولى وعبرت منها إلى مكان استلام بطاقات الصعود إلى الطائرة فرأيت شباباً مراهقاً قليل التدريب قليل الخبرة قليل الأدب يستقبلونك كما لو كنت داخل استراحة أو في أحد مدرجات الكرة أخذت بطاقة الصعود ودخلت صالة المغادرة بعد عملية التفتيش النهائية. ثم أعلن عن موعد الصعود إلى الطائرة وعند مخرج الصالة إلى الطريق المؤدي إلى الطائرة وقف موظفان مرتبكان غاية الارتباك لاستلام كروت الصعود إلى الطائرة في الحقيقة لا أدري ما سبب الارتباك لعله الخبرة ونقص التدريب صعدنا إلى الطائرة لن أتحدث عن المقاعد المتهالكة أو الأرضية المتسخة أو الرائحة الكريهة الشيء الوحيد الذي أٍسعدني "حتى لا أظلمهم "هو أن الطائرة شبه خالية إذ تمتعت لوحدي بمقعدين مع المقعدين الأخرين في المسار الثاني بجانبي فقط لو تحرك الرجل الذي أمامي إلى المقعد الذي أمامه لتملكت مربعاً يحوي إثنا عشر مقعداً لوحدي لا أذكر بدقة كم دفعت ثمناً للتذكرة ولكنها تفوق بكل تأكيد تذكرة الدرجة السياحية على الخطوط السعودية ومع ذلك كدت أتميز من الغيض عندما لكزني المضيف بيده قائلاً : - (تشرب شي) - ماء من فضلك - ثلاث ريال - عفوا - ادفع ثلاث ريال - هذه عشرة والباقي لك - تكرم - في الرحلة القادمة أقصد العودة ستكون المشروبات والمأكولات على حسابي لجميع الركاب إن شاء الله بالتأكيد العودة وإلا لن تكون هناك رحلة أخرى إلا اضطراراً هل تعلمون ما خطر على بالي ، خطر على بالي رحلة قمت بها من أبها إلى القصيم قبل سنوات طويلة " إضطراراً" عن طريق النقل الجماعي ، والتي لم أشهد بحمد الله حتى الآم معاناة مثلها ...وناس سابتكو ولكن جوي. كنت أستمتع بالرحلات الجوية أيما استمتاع وهي بحد ذاتها سياحة ما بين المطارات والطائرات ولكني أظن أن ناس ستقلبها جحيماً لايطاق المهم وصلت بحفظ الله ورعايته إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض وحان موعد رحلتي التالية وصلت إلى كاونترات إستلام بطاقات الصعود على طائرات الخطوط السعودية في مطار الملك خالد وسارت أموري على ما يرام حتى جلست أمام بوابة الصعود المخصصة لرحلتي معي أوراقي وقلمي أكتب "بكل انشراح "هذا الجزء من حكايتي لكم ، بعد اللحظات العصيبة التي مرت بي أثناء تجربة ناس. تمت رحلتي بكل نجاح وعدت إلى الرياض وبعد أن تجاوزت الجمارك ونقاط التفتيش أحرقني شوقي لبنياتي وقد كان مقرراً أن أمكث في الرياض يوماً وبعض يوم فقلت في نفسي لما لاأجرب لعلي أجد رحلة قريبة ولو ليلاً فناس لايمكن التنبئ بما يمكن أن تقدم فاتجهت مباشرة إلى مكان طيران ناس وبعد انتظار دقائق طلبت من الموظف تحويل رحلتي من الغد إلى اليوم إن كان ممكناً ... فأشاح بوجهه عني مكتفياً بإشارة من يده اليسرى قائلاً : - هناك عند الحجز ذهبت إلى الحجز الذي يبعد مسافة ثلاث كاونترات فقط ولا تسأل عن النكات التي يتبادلها موظفي ناس والضحكات ...وأكوام المسافرين أمامهم المهم تم تحويل الرحلة بنجاح ولكني دفعت خمسين ريالاً إضافية ولما تساءلت عن السبب قال لي : - نظام الشركة - معك عفش - نعم - كم قطعة - أربع قطع - أوه ...وزنها زايد - طيب أنا دفعت قبل أجي قيمة الوزن الزايد - معليش لازم تدفع.... نظام الشركة - طيب كم - والله كثير - يا رجال أنا اللي أحدد كثير وإلا شوي إخلص علي قبل تطير الطيارة - ثلاثمية - تفضل - وشي الكراتين هذي -كتب -عندك محل قرطاسية - القرطاسية تبيع أقلام ومساطر - بس كثيرة - يا رجال أبلحق الطيارة انجز - ما راح تطير وأنت عندي وبعد أن أنهيت الاجراءات اتجهت إلى بوابة الصعود مباشرة ولم ألتقط أنفاسي إلا على مقعد ناس للطيران شوقي لبناتي وقربي من رؤيتهن خفف الكثير من المعاناة إضافة إلى جلوس أحد الأفاضل بجانبي . ولما وصلت جهتي دعوت المولى عز وجل أن لا أضطر إلى ركوب الصعب مرة أخرى " طيران ناس" __________________________