التغييرات الوزارية التي تمت مطلع هذا الأسبوع وتحدث عنها الأغلبية, ورغم حرصنا جميعا على أن تكون هذه التغييرات نقلة نوعية في أداء خدمات الأجهزة التي حدث فيها التغيير, خصوصا الصحة والإعلام, ولهذا توقفت عند تصريح وزير الصحة الجديد الدكتور عبد الله الربيعة ل "الاقتصادية", الذي أوضح أن خادم الحرمين الشريفين بعد تكليفه بالوزارة وجهه توجيها صريحا وهو الحرص على المواطن ورفع مستوى الخدمات الصحية في المملكة بما يحقق طموحات المواطنين, وأوضح الدكتور الربيعة بدوره: "أن هناك عديدا من الملفات التي سيتم العمل عليها وعلاجها في الوزارة، مبينا أن من أهم هذه الملفات والمشكلات وأولويات المواطنين هي مشكلات اختناق الأسرة في المستشفيات، حيث اعتمدنا دراستها وإعطاءها الأولوية وسنعمل حاليا على بعض الإجراءات السريعة لحل هذه المشكلة إلى أن نصل إلى حل نهائي لها. ومن بين القضايا أيضا مشاريع المستشفيات المتعثرة في عدد من المناطق التي عجزت الوزارة السابقة عن إنهائها في خلال السنوات الأربع الماضية، وتكاثر الأخطاء الطبية". وأفاد الوزير الربيعة "أن الفكر الإداري في الشؤون الصحية في الحرس الوطني هو فكر جيد ومبني على نظام مؤسسي وعمل جماعي، وأتمنى من العاملين في وزارة الصحة أن يساعدوني ويكونوا مكملين لي لإنجاح منظومة الصحة في المملكة، من خلال العمل بجد واجتهاد لنقل العمل المؤسسي الجماعي لضمان استمرار النجاح دائما". القادم للوزارة طبيب جراح تميز في فصل التوائم ونسأل الله أن يوفقه لفصل ما ارتبط بخدمات هذه الوزارة على مدى أعوام وأعوام من عدم الكفاءة لدي معظم المواطنين. ولست هنا أقدح في مسؤول سابق لأجامل مسؤولا قادما, ولكني مواطنة لم أجد هذا الرضا لخدمات هذه الوزارة وهي التي تتحمل مسؤولية صحة الإنسان, حيث الخطأ والتدني في هذه الخدمات لن يصلحه الزمن لأن النتيجة إما المرض المزمن أو الإعاقة, أو الوفاة! فأخطاء جميع الوزارات قدر أهميتها ولكن تصحيحها قد يتوافر. والحديث عن مستوى هذه الخدمات, كما وضحه الدكتور الربيعة, وأهم ملفاتها ,مشكلات عدم كفاية الأسرة و المستشفيات المتعثرة في عدد من المناطق , وأضيف إليها ندرة المستوصفات متكاملة الأداء والخدمات خصوصا في القرى والمناطق البعيدة, ناهيك عن ملف ضخم هو (الأخطاء الطبية الفادحة), الذي عقدت من أجله وزارة الصحة منذ أعوام مؤتمرا ضخما في الرياض وكان لي ورقة في الفعاليات النسائية المصاحبة له. وبالطبع حضرت هذه الفعاليات وتم هناك استعراض نماذج من هذه الأخطاء الفادحة لتي أدت إلى وفاة الأطفال الذين تسببت الأخطاء الطبية أو الإهمال في العناية أو تأخير نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة في الرياض في وفاتهم! هناك أيضا ملف ما يتم اتخاذه من قبل الوزارة تجاه بعض الأدوية أو المنتجات الطبية غير الآمنة صحيا ولكن تقوم الوزارة بإصدار بيانات تنفي ذلك, وقد ذكر بعضا منها على بن سليمان العلولا في مقالة نشرت يوم الأحد 20 صفر 15 شباط (فبراير) الحالي وأوضح أنه: (في التاسع والعشرين من شهر المحرم 1430ه أصدرت وزارة الصحة السعودية بياناً أشارت فيه إلى عدم صحة ما تناقلته وسائل الإعلام حول وجود أدوية غير آمنة من إنتاج شركة فارما كير الإماراتية, وأكدت أن جميع الأدوية الموجودة في الصيدليات وأقسام الطوارئ في المستشفيات من إنتاج الشركة مأمونة وصالحة للاستخدام ما عدا شراب (كير لوكس) المضاد للحموضة الذي قامت الوزارة بتحليله, وتبين أنه غير مطابق للمواصفات المتعارف عليها. وفي السابع من شهر صفر 1430ه أكدت الوزارة مرة أخرى أن جميع الأدوية الموجودة في مستشفيات المملكة من إنتاج شركة فارما كير الإماراتية مأمونة وصالحة للاستخدام, وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني أن الدواء الوحيد الذي ثبت عدم مطابقته المواصفات المتعارف عليها بعد تحليله هو شراب (كير لوكس), وهذه التصريحات الرسمية من وزارة الصحة السعودية تعني أن ما أثير حول منتجات شركة فارما كير غير صحيح وأن جميع منتجاتها المستخدمة في جميع أنحاء المملكة سليمة وآمنة تماماً ما عدا شراب (كير لوكس) المضاد للحموضة الذي تبين للوزارة أنه غير مطابق لمواصفاتها الصارمة فتم سحبه بهدوء حفاظا على صحتنا الغالية. ولكن الحقيقة المفجعة العكس من ذلك تماما, حيث إن إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية في الهيئة الوطنية للصحة في الإمارات أكدت صحة ما تم تداوله حول خطورة منتجات شركة فارما كير وحذرت من استخدام منتجاتها, خاصة شراب (كير لوكس) المستخدم لعلاج الحموضة لوجود بكتيريا قاتلة تتسبب في حدوث التهاب رئوي حاد قد يؤدي إلى الوفاة, وقررت إلغاء تسجيل الشركة ومنتجاتها بتاريخ 30/11/2008 وإغلاق مصنعها. فمن يصدق المستهلك المسكين؟ وزارة الصحة السعودية التي تؤكد بتكرار وإصرار سلامة جميع منتجات (فارما كير) وتسمح بتداولها ما عدا شراب حموضة تزعم أنه فقط غير مطابق للمواصفات وتنكر تلوثه ببكتيريا قاتلة؟ أم وزارة الصحة الإماراتية التي يقع المصنع في أراضيها وتحت سيادتها ورقابتها وأعلنت صراحة تلوث منتجاته ببكتيريا قاتلة وألغت تسجيل الشركة وأغلقت مصنعها؟ وبانتظار اعتذار وزارة الصحة الإماراتية عن إساءتها سمعة الشركة إذا كانت قد أخطأت في فحص منتجاتها، أو تراجع وزارتنا الموقرة عن موقفها الحماسي الداعم للشركة، أو نفاذ مخزون وكيل الشركة من الأدوية الملوثة في بطوننا. ثم تساءل: هل كان هذا المصنع وبقية مصانع الأدوية تخضع لمراقبة دقيقة مستمرة لضمان عدم حدوث تلوث وتجاوزات ومخالفات وعمليات غش في تصنيع مستحضرات طبية تملأ أسواقنا وتستغل تساهلنا وطيبتنا وسذاجتنا وتستنزف صحتنا وأموالنا وتنشر الأمراض القاتلة بيننا؟ وأوضح في هذه المقالة أهمية المصداقية في هذه البيانات. وأيضا علق على موضوع جميعنا كان في دهشة أن تكون الوزارة آخر من يبلغ عنه رغم أهميته على صحة الإنسان والخاص بحادثة تلوث مماثلة في منتجات مصنع الحياة للمستحضرات الطبية في الدمام, حيث حذرت وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء من تلوث شامبو (رولانا) للأطفال بجرثومة تؤدي إلى إصابة الأطفال بتسمم دموي والتهاب السحايا وملتحمة العين والمسالك البولية ومن ثم الوفاة وأعلنت حدوث إصابات خطيرة أدت إلى وفاة طفل وإصابة آخرين حسبما أوضحه الدكتور طارق مدني أستاذ الطب الباطني والأمراض المعدية في كلية الطب في جامعة الملك عبد العزيز, الذي أكد ثبوت تلوث منتجات المصنع وبدء إجراءات مستشفى الجامعة لمقاضاته ومحاسبته على إهماله. وتساءل الأستاذ العلولا: ما الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة تجاه هذا المصنع الذي تسببت منتجاته الملوثة في وفاة طفل بريء وإصابة آخرين قد يتوفاهم الله بسببها؟ ومن يتحمل مسؤولية وفاته؟ وما العقوبة التي سيتم تطبيقها؟ وهل ستكتفي الوزارة بالغرامة المالية أم ستتم إحالة قضية وفاة الطفل للجهات القضائية؟ وهل لديها جرأة وشجاعة وصرامة نظيرتها الإماراتية لتقوم بسحب جميع منتجاته ومنع تداولها وفحصها للتأكد من جودتها وسلامتها وعدم تلوثها؟ هذه أسئلة نسألها جميع بصفتنا مواطنين وضعنا صحتنا أمانة عند مسؤولي هذه الوزارة.