ترجع لفظة عولمة في أصلها اللغوي إلى الكلمة الإنجليزية (Global) وتعني: عالمي أو كوني، وترتبط في أحيان كثيرة بالقرية، ويصبح معنى المصطلح: القرية العالمية، أي أن العالم عبارة عن قرية كونية واحدة.. (أما المصطلح الإنجليزي) فيُترجم إلى الكونية أو العولمة. واصطلاحاً، فإن تعريفات العولمة تتعدد بتعدد من كتبوا في هذا الموضوع، إذ لا مجال لذكرها هنا.. ويمكن فهم مصطلح العولمة على أنه (تعميم وفرض نمط حياة واحد على البشر كافة، يخدم القوي ويزيد من سيطرته على الكون، بما فيه من أحياء وجمادات، مما يحقق له مزيداً من الربح المادي)، وهو أيضاً جملة من التغيرات والتطورات الحاصلة في مجالات الحياة المختلفة، وهي ظاهرة شاملة تشمل الاقتصاد، والتجارة، والمال، والسياسة، والثقافة، ومجال الاتصالات والإعلام، وأنماط الحياة المختلفة. إن التأثيرات السلبية للعولمة قد ألقت بظلالها على كافة البلدان النامية ودول الخليج العربي فالتقدم التكنولوجي الهائل في مجال الصناعات الإلكترونية الدقيقة والهندسة الوراثية وظهور أجيال جديدة من السلع وبروز تكتلات اقتصادية واندماجات كبرى بين الشركات العملاقة في مجال الصناعات التكنولوجية والإلكترونيات والبنوك والنقد والانتقال من احتكارات رأسمالية الدولة إلى احتكارات رأسمالية دولية وظهور عملة اليورو الأوروبية وانفراد القطب الأوحد وهو أمريكا بالساحة الدولية والتدخل في شؤون الدول الأخرى بدعوى مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان وحماية الأقليات مما أدى إلى تشكيل حدود إقليمية ودولية جديدة. إن العولمة أصبحت مرادفة للأمركة وهما وجهان لعملة واحدة بما تدل من سيطرة وهيمنة أمريكية على العالم أجمع.. ولما كانت اقتصاديات دول الخليج العربي تعتمد على النفط وأسعاره تحدد من قبل الأسواق العالمية على أساس الدولار الأمريكي وانخفاضه مما ينعكس بالضرورة على الفوائض البترولية التي تؤثر سلباً على بلدان الخليج اقتصادياً بتذبذب أسعار النفط وتقليص العائدات وهذا يعني تقليص الإنفاق وإلغاء أو تأجيل بعض المشاريع المهمة مما يؤثر على الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطن بدون مقابل تقريباً.. وتقوم الدول التي تتأثر سلبياً بالعولمة بفرض الرسوم والضرائب وتحميل المواطن جزءاً من تكلفة الخدمات التي تُقدم له وبشكل عام سوف تُؤثر على الخدمات في دول الخليج العربي. إن الضرورة تدعو لتكامل اقتصادي خليجي للوقوف ضد أخطار التهميش والبدء في دراسة الوحدة النقدية وإقرار التعريفة الجمركية وتكوين جبهة للدفاع عن القضايا الخليجية المشتركة وتبني سياسة إعلامية موحدة. هذا من أجل تحقيق الأهداف التي قام عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون الاقتصادي، حيث إن هناك أسباباً دعت لهذا التكامل منها التكيف مع العولمة الاقتصادية والاستجابة لتحدياتها التجارية والإنتاجية والتقنية مما أدى إلى خلق منافسة دولية في مجال تسويق هذه المنتجات.. هذا بالإضافة إلى أن التكامل يُعد ضرورة لمواجهة التكتلات والتجمعات الاقتصادية التي تتسابق فيما بينها على الأسواق الدولية.