رئيسة وزراء إيطاليا تصل إلى جدة    10 سنوات من المجد والإنجازات    عبور 54 شاحنة إغاثية سعودية جديدة مقدمة للشعب السوري منفذ جابر الأردني    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال12 لمساعدة الشعب السوري    نيوم يتغلّب على الطائي بهدف ويعود لصدارة دوري يلو    هاتريك مبابي يقود ريال مدريد للفوز على بلد الوليد    بيان إمارة عسير بشأن انقطاع الخدمة الكهربائية في منطقة عسير    ضبط "22555" مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    "المنافذ الجمركية" تسجل أكثر من 950 حالة ضبط خلال أسبوع    دراسة: تناول الكثير من اللحوم الحمراء قد يسبب الخرف وتدهور الصحة العقلية    طريقة عمل سلطة الذرة الحلوة بالمايونيز    خطط ولي العهد تقفز بالسعودية لمرتبة أكبر لاعب جيوبوليتيكي في المنطقة و«الجنوب العالمي»    مواطنون يلوّحون بمقاضاة «الكهرباء» لتعويضهم عن انقطاع التيار    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير اليوم    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابة عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر حفل كؤوس الملك عبدالعزيز والملك سلمان    جهود المملكة في استقرار المنطقة    ما يجري بالمنطقة الأكثر اضطراباً.. !    أخيراً    الجيش الإسرائيلي يتسلم الرهائن الأربع    أمير الرياض يعزي في وفاة محمد المنديل    ممشى النفود    «البيئة» تدعو الطُلاب للالتزام بالممارسات السليمة    بطولة الأمير عبد العزيز بن سعد للبوميرنغ تنطلق من" التراث للعالمية"    فريق أوكي يتوّج بلقب الجولة الأولى لبطولة العالم للقوارب الكهربائية "E1" في جدة    الغاني جيري يدعم صفوف القادسية    تحديد موقف ميتروفيتش وسافيتش من لقاء القادسية    الاتحاد يقترب من أوناي هيرنانديز    التعليم.. تطور وتقدم    تحديد أسعار وزن المواشي ينتظر الدليل    المالكي يهنئ أمير منطقة الباحة بالتمديد له أميرًا للمنطقة    لماذا تمديد خدماتهم ؟!    ترحيل 10948 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة الباحة جاهزيتها لمواجهة الحالة المطرية    «ليلة صادق الشاعر» تجمع عمالقة الفن في «موسم الرياض»    «هانز زيمر».. إبداع موسيقي وإبهار بصري مدهش    "افتتاح بينالي الفنون الإسلامية 2025 في جدة بعنوان "وما بينهما"    تمكين المرأة: بين استثمار الأنوثة والمهنية ذات المحتوى    رحّالة بريطانيون يقطعون 500 كم في محمية الملك سلمان    الأمم المتحدة: نحو 30% من اللاجئين السوريين يريدون العودة إلى ديارهم    إنجازات تكنولوجية.. استعادة النطق والبصر    الهروب إلى الأمام والرفاهية العقلية    ضبط (3) مواطنين في ينبع لترويجهم الإمفيتامين والحشيش    انقطاع مفاجئ للكهرباء يعطل الحياة في الجنوب لأكثر من 6 ساعات    «الحج والعمرة» تفوز بجائزة «WSA»    شركة الكهرباء تحقق بأسباب انقطاع خدماتها في جنوب المملكة    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة كمبوديا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    الوجبات منخفضة السعرات شرط تقديم سفر الإفطار بالحرم    "دافوس": السعودية استعرضت إنجازات "رؤية 2030" وناقشت حلولاً لتحديات العالم    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة ماليزيا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    ضيوف الملك: ريادة المملكة عالميا فخر للمسلمين    250 زائرا من 18 دولة أفريقية يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    مدير تعليم جازان يرفع التهنئة للأمير محمد بن عبد العزيز بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    رحالة بريطانيون يعبرون محمية الملك سلمان على ظهور الإبل لمسافة 500 كيلومتر    تقلل خطر الإصابة لدى النساء.. ثورة واعدة لعلاج سرطان عنق الرحم    ترمب يغيّر اسم خليج المكسيك    شامخات القصيد في معرض الكتاب بالقاهرة.    الربيعي تحصل على المركز الثاني في مسابقة بيبراس للمعلوماتيه    بعد «سره الباتع».. فيلم جديد يجمع رانيا التومي مع خالد يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقارب بين المذاهب.. هل ثمّة اختلاف أصلاً؟
نشر في أنباؤكم يوم 05 - 01 - 2009

في نهاية دراسته عن “الإنسان والقرآن ...وجها لوجه” يتناول احميدة النيفر أثر مناهج تفسير القرآن التقليدية والموروثة على الإيمان والتدين بأنها “تجعل إيمان المسلم (قصير المدى) لا يرى في تعامله مع القرآن إلا جانبه النفعي الخارجي. خصوصية الإيمان المتولد في رحم هذه الذهنية تقوم على الاطمئنان والترديد، وتجاهل حيرة المؤمن وتساؤلاته، وتوقه إلى الارتقاء الروحي. بذلك يتوقف النشاط الايماني عند عتبة عالم الحاجيات الظاهرية، أما ما يليه فهو ليس إلا من الوساوس التي ينبغي أن تقمع. عندئذ يتركز إيمان الوثوق واطمئنان الترديد الذي لا يفضي مع الصدمات إلا إلى أحد أمرين: اللامبالاة أو العنف، اللامبالاة ممن عجزه بارد يقينه عن أي جهد، اما العنف فممن اعتقد أن صميم التدين في التشبث للدفاع عن ظاهر المقولات ورسوم العلاقات ايا كان شكل تلك الحماية”.
هذا النص المركز العميق، تعمدت جعله مدخلا لحديثي هذا عن “التقارب المذهبي”. فالدعوة إلى التقارب، تفترض مسبقا أن ثمة تباعداً واختلافاً. وانطلاقا من هذا الافتراض، تدعو للتقارب الذي قبل أن تنطق به تكون قد وضحت كافة الاحترازات التي قد يحيل إليها اطلاق هذا المفهوم. وذلك، بأن التقارب لا يعني التمييع، وأنه لا يهدف الذوبان في الآخر، وكذلك، لا يناقض الاحتفاظ بالهوية وخصوصيتها...إلخ، وفي بعض الأحيان، يتم الاكتفاء بالمعنى المدني منه، القائم على التعايش والتسامح، دون التطرق للمجال العقدي والفقهي. والسؤال الأساسي الذي أود طرحه هنا: هل فعلا ثمة اختلاف بين هذه المذاهب الاسلامية يبرر دعوتها للتقارب؟
يجيب ب: “طبعا، هناك اختلاف”، كل من يرى المذاهب من المنظور الأيديولوجي، بأنها متمايزة تمايزا واضحا في تصوراتها وعقائدها، ويجيب بهذا الجواب أيضا، من يتابع يوميا أخبار الاقتتال والمذابح الذي نراه اليوم انطلاقا من اختلاف الهويات المذهبية.
وأنا اتفق مع كليهما، في وجود هذه الاختلافات على المستوى الأيديولوجي، ومستوى العلاقات الاجتماعية، ولكني أزيد على ذلك بأن هذه الاختلافات ما كانت إلا لصدورها من “نظام معرفي واحد”، يفضي إلى هذه التصورات الأيديولوجية المختلفة، التصورات الصلبة والنهائية، القائمة على الترديد والوثوق، والتي - كما وصف النيفر بالضبط - تجعل العنف في التعامل مع الآخر خيارا مطروحا على الدوام بل هو قنبلة موقوتة برسم انتظار أي ظروف موضوعية، وذلك ليس لطبيعة الهوية ذاتها، بقدر ما هو نتيجة لذلك النظام المعرفي الموحد.
فالمشكلة على المستوى المعرفي، ليست مشكلة اختلاف، بقدر ما هي مشكلة توافق. كل المذاهب تتلقى إيمانها، على أنه الإيمان الصحيح، المطابق لإيمان الجيل الأول. وهذا الجيل الأول، سواء تشكل على هيئة سلف القرون الثلاثة أو أئمة محاطين بهالة من العصمة أو حتى قتلى النهروان، فإنه يؤدي الوظيفة نفسها في كل المذاهب: بأنه الطريق الوحيد المفضي لحقيقة الدين، وبالتالي يضحي التمسك بكل أدواته الذهنية والمعرفية، الحقيقية أو المتصورة، أمرا لازما، بل ضروريا للوصول إلى الإيمان الحقيقي. وهنا عند محورية هذا الجيل في هذه المذاهب، يرتفع التاريخ من كونه مجال الفعل الانساني، إلى النموذج الأمثل لهذا الفعل، من مستودع للتجارب إلى التجربة الفريدة التي لا ينبغي الانفكاك عنها والخروج عن مسارها. وعند هذه المحورية أيضا، تضحي الحقيقة كيانا صلبا جامدا، أقرب للنتائج الرياضية والمنطقية، كيانا لا حياة فيه، وهنا يفقد الإيمان محتواه كطاقة روحية وفكرية. وأخيرا، نتيجة تصنيم التاريخ والحقيقة هذا، لا يبقى سوى الجمود والانحطاط... ويفقد الدين أي فعالية حضارية سوى فعاليتي العنف والموت!
وبعيدا عن المجاملات وترديد الشعارات، وهي المظاهر التي تكاد تكون سائدة في محافل التقارب المذهبي. أقول: بعيدا عن هذا كله، واقترابا من حقيقة المشكلة، فالحلول الفعلية والعملية لهذه الإشكالية تكمن في رعاية حركة نقدية شاملة لكافة هذا الموروث الديني الضخم. حركة نقدية لا تهدف الى إلغائه، بقدر ما تهدف الى إعادة الوصل به بآلية تفاعلية حيّة، لا آلية استسلامية تلقينية ميّتة.
وهذه الاشكالية ليست اشكالية ساكنة، بقدر ما هي اشكالية تعيد إنتاج ذاتها دوما في بعض المؤسسات الدينية والجامعات الاسلامية المنتشرة في أرجاء العالم الإسلامي، التي بدون إصلاحها، لا جدوى من أي عمل نقدي وبحثي، إذ إن طبيعة هذه المؤسسات في تعاملها مع أي جهد بحثي جريء هي مكافأته بسلاحها التقليدي: التكفير أو التبديع، وبالتالي تكون قد وضعت بينه وبين تحوله إلى جهد مؤثر في المنتمين إليها حاجزا اسمنتيا لا سبيل لاختراقه!
لهذا كله، لا أجد أي معنى أو حتى فائدة ترجى من دعوة للتقارب بين مذاهب، يمضي فيه علماؤها، بعد محفل ضخم تبادلوا فيه المصافحات والتحايا، إلى كراسيهم وحلقاتهم ليدرسوا طلابهم نفس الآليات المعرفية والتصورات الايديولوجية التي هي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.