تستعد إسبانيا حاملة اللقب لمواجهة فرنسا اليوم في دانيتسك في ربع نهائي كأس أوروبا 2012 لكرة القدم المقامة حالياً في بولندا وأوكرانيا، وهي مدركة أنها لم تنجح بالتغلب عليها ضمن أي مسابقة رسمية، وإذا كانت مرتبة الإسبان الذين يسعون لإحراز ثالث لقب كبير على التوالي بعد كأس أوروبا 2008 وكأس العالم 2010، أعلى بكثير راهناً من المنتخب الفرنسي، إلا أن الأخير الذي يبحث عن نفض غبار كارثة جنوب أفريقيا 2010 يعتبر خصماً بالغ الخطورة على منتخب “لا روخا”. سبب الحذر الإسباني يعود إلى رصيد المواجهات في المسابقات الكبرى، حيث خرجت فرنسا فائزة خمس مرات مقابل تعادل واحد، في حين لم يذق الإسبان طعم فوز، آخر الهزائم الإسبانية كانت في كأس العالم 2006 في ألمانيا عندما نجح “الأزرق” بقيادة الأسطورة زين الدين زيدان بالفوز 3-1 في الدور ثمن النهائي. مدرب إسبانيا فيسنتي دل بوسكي حذر من الحديث المبكر عن النصر على فرنسا مذكراً بالإفراط بالتفاؤل قبل ثمن نهائي 2006: “حفرت صورة عن مونديال 2006 في ذاكرتي، أسأنا تقدير الفرنسيين الذين كانوا كبار السن، أنها عادة إسبانية تكمن في عدم الانتباه للخصوم”. وتابع: “فرنسا هي الخصم الأكثر تعقيداً، يملكون مقومات الفريق الناجح، هم جيدون من الناحية التقنية ومنظمون أيضاً، وكريم بنزيمة يتألق وخلفه ثلاثة لاعبين جيدين، أعتقد بأنهم سيلعبون مثلنا. لا يملك الفرنسيون أي عقد”. 30 مباراة عموماً التقى المنتخبان 30 مرة ففازت فرنسا 11 مرة وإسبانيا 13 مرة وتعادلاً 6 مرات، وفي أبرز لقاءات المنتخبين في البطولات الكبرى، فازت فرنسا 2-1 في ربع نهائي كأس أوروبا 2000 بهدفين لزيدان ويوري دجوركايف مقابل هدف لجايزكا مندييتا عندما كان لوران بلان المدرب الحالي في صفوف فرنسا، وتعادلا 1-1 في الدور الأول من نسخة 1996، غير أن المباراة التي لا تزال عالقة في ذاكرة الإسبان كانت في نهائي كأس أوروبا 1984 عندما فازت فرنسا 2- صفر بهدفين لميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي الحالي بخطأ فادح من الحارس لويس أركونادا، وبرونو بيلون. وكانت أكبر انتصارات إسبانيا 8-1 ودياً عام 1929، يذكر أن الفريقين سيلتقيان مجدداً في تصفيات كأس العالم 2014 في المجموعة التاسعة. فرناندو توريس مهاجم إسبانيا تذكر المباراة الأخيرة التي أقصت الإسبان من مسابقة كبرى: “في ذاك اليوم علمتنا فرنسا درسا ًساعدنا للتقدم كفريق، ولو أن الناجين من الفريق ليسوا كثيرين، نأمل أن تكون الخبرة إلى جانبنا هذه المرة”. خافي مارتينيز لاعب إسبانيا تحدث في السياق عينه: “أعتقد أن فرنسا ستكون أصعب خصومنا في المسابقة، تملك فرنسا طريقة مبتكرة باللعب منذ قدوم بلان، يعتمد لعبه على التركيبات والتمريرات القصيرة”. وما يهدأ من حذر الإسبان تجاه الفرنسيين، الصورة الباهتة التي ظهروا فيها في آخر مباريات الدور الاول عندما سقطوا أمام السويد صفر-2، لتتوقف سلسلة من 23 مباراة دون خسارة، ويحتلوا المركز الثاني في المجموعة خلف إنجلترا بعد تعادلهم مع الأخيرة 1-1 وفوزهم على أوكرانيا 2-صفر. وتابع مارتينيز: “في أول مباراتين، قدموا لعباً جيداً، في الثالثة لم يكونوا كذلك، لكن هذا ما حصل معنا ضد كرواتيا”، في إشارة إلى الفوز الصعب لإسبانيا على كرواتيا 1- صفر بهدف متأخر من البديل خيسوس نافاس، وذلك بعد تعادلهم مع إيطاليا 1-1 والفوز الكبير على أيرلندا 4- صفر. غياب فيا المؤثر لم يتوصل دل بوسكي بعد إلى إيجاد خلف حقيقي للمهاجم المصاب منذ فترة طويلة دافيد فيا، فمن جهة يبتعد فرناندو توريس عن مستواه. ومن جهة أخرى لم يعتمد المدرب صاحب الشاربين بعد على فرناندو يورنتي او الفارو نيجريدو، فلجأ الى تعزيز خط الوسط ومنح سيسك فابريجاس صلاحيات هجومية إضافية، لذلك سجلت إسبانيا 6 أهداف فقط في 3 مباريات، أربعة منها في مباراة أيرلندا. غياب هجومي لكن في ظل الغياب الهجومي الكبير، تملك إسبانيا خط وسط ضاربا للغاية، مع أندريس إينيستا وتشافي وفابريجاس ودافيد سيلفا وتشابي الونسو وسيرجيو بوسكيتس، لدرجة أن خوان ماتا أحد أبرز نجوم تشيلسي الإنجليزي بطل أوروبا لا يجد مكاناً له في التشكيلة الأساسية. مئوية ألونسو يخوض لاعب وسط ريال مدريد تشابي ألونسو مباراته الدولية المائة ضد فرنسا، ليصبح خامس لاعب إسباني يحقق هذا الإنجاز، علماً بأن الحارس الحالي ايكر كاسياس يحمل الرقم القياسي وهو سيخوض مباراته الرقم 135 في دانيتسك اليوم بعمر الحادية والثلاثين. وكان كاسياس تخطى عام 2009 الرقم القياسي السابق الذي كان يحمله الحارس اندوني زوبيزاريتا (126)، في حين سيخوض تشافي (32 عاماً) المباراة الرقم 113. فرنسا جاهزة رغم التوتر اللافت في المعسكر الفرنسي كان ما نقل عن خلافات بين اللاعبين اثر الخسارة الأخيرة أمام السويد، المدرب بلان اعترف بتوتر الأجواء في غرفة ملابس، كما أن المهاجم أوليفييه جيرو كشف عن إشكال في غرفة الملابس، وأكد بلان هذا الأمر: “عندما يكون هناك انتصار، تتقبل الأمور بشكل أكبر وتكون أكثر سعادة، لكن عندما تخسر، تكون غاضباً، أصبح الوضع حامياً في غرفة الملابس، لكن الأعصاب هدأت بعد حمام جيد”. وأضاف “أصبحت الأمور حامية بعض الشيء لأن اللاعبين شعروا بأن الجميع لم يقدم كل شيء لديه للفوز بالمباريات، عليك أن تلعبها وأن تلعبها بطريقة جيدة، لا أعلم إذا كان السبب يعود إلى أن فريقنا شاب بعض الشيء، عندما تشعر بشيء ما عليك البوح به، وأمر التحدث لا ينحصر بالطاقم الفني وحسب، عليهم “اللاعبون” قول الاشياء في ما بينهم لأن الأمر قد يكون بناءً، هذا الأمر يظهر بأن هناك رد فعل، أمل أن يكون هناك بعض الشيء “رد فعل” ضد إسبانيا، لكن بالطريقة الصحيحة”. وقلل مساعد المدرب آلان بوجوصيان من الحديث عن توتر في المعسكر، بعد ما نقلته صحيفة “ليكيب” عن خلاف بين المدرب لوران بلان واللاعب حاتم بن عرفة، ومشادة كلامية بين نصري واللاعب الو ديارا. وسارع بوجوصيان الى نفي المقارنة بين ما جرى أخيراً، والخلاف بين المدرب السابق للمنتخب ريمون دومينيك واللاعب نيكولا أنيلكا خلال كاس العالم 2010 والذي أدى إلى طرد أنيلكا من المنتخب، فتضامن عدد من اللاعبين معه بالامتناع عن المشاركة في التدريب. ريبيري الخطر الأكبر يعتمد بلان بشكل كبير على لاعب بايرن ميونيخ الألماني فرانك ريبيري الذي يقدم أداءً رائعاً منذ مطلع الدورة، لدرجة أن اللاعبين الإسبان شددوا على فرض رقابة لصيقة على جناح مرسيليا السابق. خوانفران اللاعب البديل لالفارو أربيلوا قال: “يجب أن نكون بالقرب منه طوال الوقت، بإمكانه تسجيل الهدف في أي لحظة، أو إيجاد زميل له والتمرير، يجب أن نتأكد من تعكير يومه”. ويعتمد بلان في خط وسطه على خدمات سمير نصري ويان مفيلا والو ديارا وفلوران مالودا، في حين سيكون العبء الهجومي ملقى مرة جديدة على كريم بنزيمة الذي لم يعرف طريق الشباك بعد في الدورة، والذي سيواجه الحارس كاسياس زميله في ريال مدريد. وسيكون الثنائي ريبيري ونصري جاهزاً لخوض المباراة بحسب ما أوضح بوجوسيان، لإصابة الأول في قدمه اليسرى والثاني في ركبته، وسيغيب المدافع فيليب ميكسيس مباراة واحدة لإيقافه، وسيحل بدلاً منه قلب دفاع آرسنال الإنجليزي لوران كوسيلني ليلعب إلى جانب المغربي الأصل عادل رامي. ملوك التمرير يدل عدد لاعبي خط الوسط القصار القامة والموهوبين في منتخب فرنسا، على الاعجاب الذي يبديه المدرب لوران بلان لمنافسته إسبانيا، قبل المباراة المرتقبة بينهما وارتقت إسبانيا حاملة لقب كأس العالم 2010 وبطولة كاس أوروبا 2008 إلى القمة باعتماد أسلوب لعب قائم على التمريرات السريعة والتحركات الحدسية والضغط الشرس على الخصم. خط وسط موهوب ومنذ ان تولى تدريب المنتخب الفرنسي بعد كأس العالم خلفا لريمون دومينيك، حاول بلان ادخال المقاربة نفسها إلى المنتخب الفرنسي، وما تشكيلته سوى برهان بليغ على هذا الطموح، ويمتلك بلان مهاجمين صريحين فقط هما كريم بنزيمة وأوليفييه جيرو، لكنه يتمتع بوفرة من لاعبي الوسط الموهوبين أمثال سمير نصري وفرانك ريبيري وجيريمي مينيز وحاتم بن عرفة ومارفان مارتان. حاول بلان أن يجعل من فرنسا منتخباً يسيطر على منافسيه، لكنه يقر بأن لاعبيه سيواجهون اليوم أسياد هذا الأسلوب “إذا تمكنت من امتلاك الكرة أكثر من الإسبان، فهذا إنجاز، في هذا المجال هم أقوياء جداً، يحظى هذا الأسلوب الكروي بإعجابي، وهو ليس متعة للمشاهدة فحسب، لكنه فعال أيضاً”. أضاف: “المشكلة ضد إسبانيا هي أنه عليك أن تكون حاضراً ذهنياً لتركض كثيراً وتغلق المساحات قدر الإمكان، حتى ولو تمتع لاعبوها دائماً بالقدرة على إيجاد المساحة نظراً إلى قدرتهم”. ومع غياب فيليب ميكسيس عن مباراة اليوم بعد إيقافه لنيله بطاقة صفراء ثانية خلال المباراة مع السويد (صفر-2)، سيشارك لوران كوسييلني إلى جانب عادل رامي في قلب دفاع المنتخب الفرنسي، ليتوليا المهمة المرهقة بمقاومة القوة الإسبانية. وقال مدافع أرسنال كوسييلني: “نعرف مقاربة الإسبان، يحبون التحرك كثيراً، في بعض الأحيان يكون منتصف الملعب فارغاً، وبعد تمريرتين أو ثلاث، يحضر ثلاثة لاعبين أو أربعة”.