على الرغم من تهديدات الركود في جميع أنحاء العالم ، واقتصاد متعثر، والمخاوف من الأزمة المالية الأوروبية، لا زالت تهيمن قضايا الجنس والدين على السياسة الأمريكية، فالحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس الأمريكي الحالي "باراك أوباما" تنصب على "الحرب على الدين"، في حين تنصب الحملة الانتخابية للمرشح الجمهورى "ميت رومني" على "الحرب على الجنس" ووفقا لتقارير نشرتها الصحف الامريكية فان السياسة الجنسية والدينية والقضايا الأخلاقية مثل الإجهاض ومنع الحمل وزواج مثلي الجنس، والحقوق المدنية تشكل اهم التحديات في السباق الى البيت الابيض فمرشحى الرئاسة يسعون لترسيخ قاعدتهم وجمع الاموال الانتخابية ومحاولة إقناع الناخبين وذلك من خلال الاستفادة من حالات الانقسام الذى يحدث بين وجهات النظر المختلفة تجاه قضايا الجنس والدين واستهداف جموع الناخبين بمخيم الحزب المنافس وكأنه جزء من التقليد في السياسة الحديثة. وهناك قائمة طويلة من القضايا المثيرة للانقسام مثل الإجهاض، وزواج مثلي الجنس، والحد الأدنى للأجور، والهجرة أصبحت هى معيار التلاعب في الحملات الانتخابية الرئاسية المعاصرة. ويقول "لاري ساباتو"، مدير مركز جامعة فرجينيا للسياسة، إن القضايا الأخلاقية تسعى لسحب الناخبين المتحالفين مع الخصم ، وقد لعبت دورا في الانتخابات الرئاسية لعدة عقود ففي عام 1968، استغل "ريتشارد نيكسون" الاستياء المتصاعد من الطبقة العاملة والديمقراطيون لتسليط الضوء على القانون وقضايا النظام. وفي عام 1972، أعلن "نيكسون" معارضته للإجهاض من دون قيود، وفاز لاعادة انتخابه بنسبة 60? من أصوات الناخبين الكاثوليك. وفي عام 1980، استخدم "رونالد ريجان" معارضته للاجهاض وصيحة استنفار كبيرة لتلك القضية لجذب المحافظين الاجتماعيين. وفي عام 1992، وصف المرشح الجمهوري للرئاسة والكاتب "بات بوكانان" المعارك السياسية حول القضايا الأخلاقية ووصفها بأسم "الحروب الثقافية" والتى تلعب على المعتقدات الأساسية وقال انها اهداف طبيعية للمرشحين لتحقيق مكاسب انتخابية خاصة بهم، وقد قال"أن زواج المثليين بالنسبة لأمريكا هو الموت المسيحي". وفى عام 2004 تحول الرئيس الامريكي "جورج بوش" عندما كان يسعى لاعادة انتخابه، وكان تحت وطأة الاقتصاد الراكد وحرب لا تحظى بشعبية "حرب العراق"، إلى "قضايا القيم"، مثل قضايا الإجهاض، والصلاة في المدارس، وأبحاث الخلايا الجذعية، ومعارضة زواج مثلي الجنس، والإصرار على هزيمة الإرهاب وتلك القضايا كانت من أهم العوامل التى أثرت في التصويت وعملت على زيادة فرص الجمهوريين فى السباق الرئاسى فى ذلك الوقت عن طريق استقطاب نسبة كبيرة من المحافظين ولا سيما الكنائس ولا تزال القضايا الأخلاقية تسيطرعلى الخطاب السياسي لمرشحى الرئاسة الامريكية الحالية، حيث تشهد الانتخابات الحالية اتهامات من الحزب الجمهورى للرئيس الأمريكى الحالى "باراك أوباما" لحربه على الدين فقد أعلن "أوباما" بصراحة تأييده لزواج المثليين وإباحة عمليات الأجهاض، وسعى الحزب الديمقراطي لقلب الطاولة على مرشح الجمهوريين "ميت رومنى" والذى اتهموه بشن حرب على المرأة وعدم احترامه للحرية الفردية، وفى بحث أجراه قسم السياسة العامة في جامعة "جورج ماسون"، كشف أن أصوات النساء فى التاريخ الأمريكى يمكن أن تمثل عاملا حاسما في انتخاب رئيس الولاياتالمتحدة. ويأمل الجمهوريون في انخفاض شعبية "أوباما" لتأييده لعمايات الإجهاض ومنع الحمل وحملة التأييد التي قام بها مؤخرا لأعطاء كافة الحقوق المدنية والقانونية لزواج مثلي الجنس، وتوحيد المسيحيين الإنجيليين والمحافظين فى أغلب الولايات للتصويت لصالح "رومني". وعلى الجانب الآخر، فقد زادت التدفقات النقدية من أولئك الذين يعتبرون "زواج المثليين" قضية عظيمة لإرساء الحقوق المعنوية والمدنية في العصر الحديث. فكلا الطرفين يسعى لنيل ولاء الناخبين بشأن القضايا الأخلاقية، فالجمهوريون يقدمون أنفسهم باعتبارهم من الحزب الذى يرسى قواعد "القيم العائلية"، بينما الديمقراطيون يؤكدون التزامهم بكل ما يخص "قضايا المرأة".