أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة بشدة ما قال إنه "قمع مستمر" تمارسه السلطات السورية لإنهاء تحركات المحتجين، في قرار نال موافقة غالبية أعضاء المجلس الذين طالبوا سائر هيئات المنظمة الدولية ب"الأخذ بعين الاعتبار" تقرير لجنة التحقيق حول سوريا و"اتخاذ الإجراءات المناسبة" على وجه السرعة. وصوتت 37 دولة من أصل 47 في المجلس لصالح القرار، في حين اعترضت أربع دول هي روسيا والصين وكوبا والإكوادور، بينما امتنعت ست دول عن التصويت، علما أن تقرير لجنة التحقيق حول سوريا، الذي صدر قبل أيام، كان قد اتهم القوات السورية بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية."
وكانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة، نافي بيلاي، قد حذرت من أن سوريا تقف على أعتاب "حرب أهلية شاملة،" في حال استمر النظام في "حملة القمع الوحشية" ضد المحتجين السلميين، وأبدت في الوقت عينه قلقها حيال الهجمات المتزايدة للعناصر المنشقة ضمن ما يعرف ب"الجيش الحر،" كما دعت إلى تحرك دولي عاجل لحماية المدنيين في سوريا.
وقالت بيلاي، في كلمة ألقتها الجمعة بجلسة افتتاح الاجتماع الخاص بسوريا في مجلس حقوق الإنسان بجنيف: "في ضوء الفشل المعلن من قبل السلطات السورية في حماية مواطنيها فإن على المجتمع الدولي أن يقوم باتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لحماية الشعب السوري."
وذكّرت بيلاي بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي مواقف موحدة لحماية الشعب السوري حيال "الانتهاكات ضد حقوق الإنسان والحريات الأساسية،" ودعت إلى الوقت الفوري ل"أعمال القتل والتعذيب وأشكال العنف الأخرى.
وبحسب بيلاي، فإن حصيلة ضحايا حملة القمع، التي تشنها القوات السورية لسحق الاحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، ارتفع إلى أكثر من 4000 قتيل، بينهم 307 أطفال إلى جانب أكثر من 14 ألف معتقل، وعشرات الآلاف من المهجرين داخلياً وخارجياً.
وتشهد سوريا منذ 8 أشهر تظاهرات مناهضة للنظام، ترافقت بسقوط آلاف القتلى، جراء حملة قمع عسكرية تصدى بها النظام لاجتثاث الاحتجاجات.
والاثنين الماضي، اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة، تم تشكيلها لتقييم الأوضاع الإنسانية في سوريا، الجيش السوري بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" خلال قمع المحتجين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي يواجه أكبر حركة احتجاجات منذ توليه السلطة خلفاً لوالده قبل 11 عاماً.
وقالت اللجنة، التي شكلت من قبل مجلس حقوق الإنسان، في أغسطس/ آب الماضي، إن دمشق مسؤولة عن أعمال بينها جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قواتها المسلحة، بينها الإعدامات الميدانية، والاعتقالات العشوائية، والإخفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي، والتعدي على حقوق الأطفال.
من جانب آخر، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الحكومة السورية من "مخاطر" التدخلات الخارجية، وقال في تصريحات لCNN الخميس، إن النظام السوري لديه فرصة "لتجنب مخاطر التدخل الأجنبي"، إذا ما أعلن موافقته على خطة العمل العربية.
وأقر وزراء خارجية 19 دولة عربية، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، تتضمن مقاطعة البنك المركزي السوري، ومنع مسؤولين سوريين من السفر لتلك الدول، وتجميد أصول مملوكة للحكومة السورية.
وأعلنت الجامعة العربية الخميس عن قائمة بأسماء الشخصيات الممنوعة من السفر إلى الدول العربية، والتي تضم 17 مسؤولاً بالنظام السوري، على رأسهم ماهر الأسد، شقيق الرئيس بشار الأسد، إضافة إلى وزيري الدفاع عماد داود عبد الله، والداخلية محمد إبراهيم الشعار.
وفي سوريا نفسها، خرجت الآلاف في مظاهرات بعدة مدن وبلدات ضمن تحرك حمل هذا الأسبوع اسم "المنطقة العازلة تحمينا" لمطالبة المجتمع الدولي بفرض منطقة عازلة لحماية المدنيين.
وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا إن أربعة أشخاص قتلوا حتى الساعة برصاص قوات الأمن، بينهم سيدة، وسقط ثلاثة قتلى في حمص وقتيل في بصرى الشام بمحافظة درعا.
أما وكالة الأنباء السورية، فقالت إن عناصر الهندسة في مدينة حماة "فككت عبوة ناسفة على دوار الحرش بحي الصابونية بعد أن عثرت عليها قوات حفظ النظام،" كما فككت عبوة أخرى في حي غربي المشتل بالمدينة، وذكرت أن قنبلة ثالثة انفجرت بحي التعاونية أثناء مرور دورية لحفظ النظام ما أدى إلى إصابة 3 من عناصرها بجروح.
يشار إلى أن CNN لا يمكنها تأكيد المعلومات المتصلة بالتطورات الميدانية نظراً لرفض السلطات السورية السماح لها بالعمل على أراضيها.
ورداً على العقوبات الأوروبية والتركية، صرح الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية والمغتربين أن الحكومة السورية قررت تعليق العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، و"دراسة اتخاذ إجراءات أخرى تتناسب" مع ما أعلنته تركيا.
كما صرح الناطق أن الحكومة السورية قررت تعليق عضويتها في الاتحاد من أجل المتوسط إلى حين قيام الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن الإجراءات التي فرضها عليها.