افتتحت يوم الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011، بالعاصمة تونس أولى جلسات المجلس التأسيسي الذي انتخب الشهر الماضي في جلسة وصفت بأنها أولى الخطوات التاريخية لبناء الجمهورية الثانية بعد اشهر من الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي. وستكون مهمة المجلس التأسيسي المكون من 217 عضوا صياغة دستور جديد لتونس على ان يتم إجراء انتخابات عامة في وقت لا يتجاوز عاما. وأصبحت تونس مهدا للربيع العربي حين اطاح محتجون بابن علي في 14 يناير كانون الثاني الماضي قبل ان تجري تونس أول انتخابات حرة الشهر الماضي تمخضت عن فوز حركة النهضة باغلبية الاصوات ووافق اعضاء المجلس التأسيسي بالاغلبية على تعيين مصطفى بن جعفر زعيم التكتل من اجل العمل والحريات رئيسا للمجلس التأسيسي. وقدمت مية الجريبي الامين العام للحزب الديمقراطي التقدمي ترشحها للمجلس في خطوة مفاجئة تشير الى عمق الخلاف بين الائتلاف الذي تقوده النهضة والمعارضة. وقالت الجريبي انها ترشحت لهذا المنصب "لإيصال رسالة بأن زمن الرأي الواحد واللون الواحد وزمن الالتفاف على الرأي قد ولى وانتهى". وحصل بن جعفر على 145 صوتا بينما نالت الجريبي 68 صوتا واحتفظ أربعة نواب بأصواتهم. وكان الائتلاف الفائز في الانتخابات المكون من احزاب النهضة والمؤتمر والتكتل رشح ابن جعفر رئيسا للمجلس التأسيسي وحمادي جبالي الامين العام للنهضة رئيسا للوزراء والمنصف المرزوقي الامين العام للمؤتمر رئيسا للبلاد. وقال رئيس الجمهورية المنتهية ولايته فؤاد المبزع في كلمة أمام أعضاء المجلس التأسيسي يوم الثلاثاء ان هذه "الجلسة موعد فعلي للانتقال الديمقراطي ولحظة فارقة في التاريخ." وطالب الرئيس أعضاء المجلس التأسيسي بالوفاء لدماء الشهداء وتغليب المصلحة العامة والانتماء للوطن. وجرت الجلسة الاولى بحضور عائلات شهداء الثورة ومن بينهم ام محمد البوعزيزي مفجر ثورة تونس الذي احرق نفسه احتجاجا على ظروفه السيئة. وحضر الجلسة أيضا رئيس الحكومة المنتهية ولايته الباجي قايد السبسي وأعضاء حكومته اضافة الى المرزوقي والجبالي وابن جعفر. وخارج المجلس تظاهر المئات من التونسيين للضغط على المجلس لتحقيق مطالبهم. وقال احد المتظاهرين ويدعى سليم حمدي "نحن جئنا الى هنا لنقول لاعضاء المجلس التأسيسي احذروا فنحن لكم بالمرصاد ان زغتم عن السكة الصحيحة." وقالت متظاهرة اخرى اسمها لمياء "يجب ان يعلم النواب ان المئات من شبان تونس دفعوا ارواحهم فداء لتونس الحرة ويتعين ان تتم محاسبة قتلتهم." ورفع المتظاهرون شعارات مكتوب عليها "تونس تونس حرة والتطرف على بره" و"لا تنسوا حقوق المرأة" ورددوا شعارات "الشعب يريد الثورة من جديد" و"لا ارهاب ورجعية.. الشعب يريد دولة مدنية". وتعرضت ممثلة النهضة سعاد عبد الرحيم في المجلس التأسيسي الى اعتداء بالعنف اثناء دخولها لمقر المجلس من قبل بعض المتظاهرين الذي رددوا هتافات مناهضة للنهضة في حادثة أثارت المخاوف من الانزلاق الى العنف بسبب الاختلاف العقائدي بين التيار الديني المحافظ وتيار علماني يرى ان قيمه اصبحت مهددة بعد فوز النهضة. وقال محمد عبو القيادي في حزب المؤتمر من اجل الجمهورية للصحفيين "هذا اليوم حلم كل التونسيين ونقول للمتظاهرين سلميا ان مطالبكم سننتبه اليها ولن نتجاهلها." من جهته قال الصادق شورو عضو النهضة في المجلس التأسيسي "سنعمل على ان نخدم هوية الشعب الاسلامية. سنسعى لوضع بنود في الدستور ليكون الاسلام هو المرجعية.. من حق المعارضة ان ترفضها لكننا نرى ان شعب تونس شعب متأصل في الاسلام ويريد حياة تسودها الروح الاسلامية." وبث التلفزيون الحكومي منذ الصباح اغاني وطنية للتأكيد على اهمية هذا الموعد الذي وصف بانه تاريخي لان هذا أول تسليم للسلطة في تونس بشكل ديمقراطي. وأقسم اعضاء المجلس التأسيسي على المصحف وردد الاعضاء "اقسم بالله العظيم ان اقوم بمهامي بالمجلس التأسيسي باخلاص واستقلالية في خدمة الوطن والله علينا شهيد جميعا."