وقَّع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أكبر خطة إصلاح للنظام المالي في بلاده منذ الكساد الكبير أوائل ثلاثينات القرن الماضي، لتصبح بذلك قانونا نافذا يهدف إلى تفادي تكرار وقوع أزمات مالية جديدة على غرار أزمة الرهن العقاري التي ضربت اقتصاد الولاياتالمتحدة عام 2008 وتركت آثارها الوخيمة على الاقتصاد العالمي. وذكرت شبكة ال ( بي بي سي ) فجر الخميس 22 يوليو 2010 أن الرئيس أوباما قال في خطاب التوقيع إن قانون الإصلاح المالي الجديد له سلطة الرقابة المالية ويوفر ضمانات للبنوك ورجال الأعمال والمستهلكين على حد سواء. وفي انتقاد مبطَّن للجمهوريين الذين لم يدعموا بغالبيتهم قانون الإصلاح الجديد، قال أوباما وسط موجة من التصفيق الحار من قبل الحاضرين في حفل التوقيع: "بسبب هذا القانون، لن يتعيَّن على الشعب الأمريكي أبدا بعد الآن دفع ثمن أخطاء وول ستريت". وأضاف الرئيس الأمريكي قائلا: "تُعتبر هذه الاصلاحات أقوى إجراءات لحماية للمستهلك في التاريخ. وهي ستُطبَّق من خلال وكالة ضبط مالي جديدة مهمتها الوحيدة هي رعاية مصالح الناس، وليس البنوك الكبرى ومؤسسات الإقراض والمستثمرين. فهي ليست في صالح المستهلكين فقط، وإنما أيضا في صالح الاقتصاد". وأكد أوباما أن الإصلاح "سيلجم التجاوزات والمخالفات التي كادت أن تقضي على نظامنا المالي"، مضيفا بقوله "إن الشفافية ستدخل في التعاملات المعقدة التي أسهمت باندلاع الأزمة المالية". واعتبر أوباما أن نص قانون الإصلاح المالي الذي اعتمده الكونجرس الأسبوع الماضي، بعد أشهر من المناقشات والمداولات، سيضع حدا "للتعاملات المريبة التي كانت وراء الأزمة المالية الأمركية التي بلغت ذروتها خريف عام 2008". ويأمل الأمريكيون أن يحول القانون الجديد، الذي مرَّره الديمقراطيون بمساعدة بسيطة من الجمهوريين بعد أشهر من المحادثات والمداولات بين الطرفين بشأنه، دون تعرُّض الاقتصاد الوطني لأزمة في حال فشلت المؤسسات المالية الأمريكية الكبيرة في المستقبل. تضمَّن القانون مبدأ فولكر، نسبة إلى بول فولكر الذي اقترح خطة الإصلاح الحالية. إلا أن وضع هذا القانون غير العادي، والذي جاء في 2300 صفحة، موضع التطبيق سيستغرق بعض الوقت، إذ لا يزال يتعين على هيئات الضبط المكلفة بمراقبة النظام المالي الأمريكي صياغة العديد من القواعد المنظمة والمعقدة غالبا من أجل إتاحة تطبيق الإجراءات الجديدة. ويقول المحللون إن القواعد الجديدة تنص خاصة على إنشاء غرفة مركزية للتعويض، وعلى المزيد من الشفافية وشروط أكثر صرامة بشأن رؤوس الأموال، وحتى قواعد بورصات للمنتجات المالية المشتقة. كما يفرض القانون الجديد قيودا أكبر على منح القروض وسياسات وقواعد الإقراض، ويحضُّ على الكشف عن هويات المقترضين . والمفارقة هي أن الرئيس الأمريكي الديمقراطي اختار أن يوقِّع على القانون الجديد في مركز رونالد ريجان للمؤتمرات في واشنطن، والذي يحمل اسم الرئيس الأمريكي الجمهوري الراحل الذي طالما اقترن اسمه بعملية تحرير النظام المالي من القيود والقواعد.