قيل قديما : "البصرة عين العراق والمربد عين البصرة". البصرة هي أول مدينة مُصرت في الإسلام خارج حدود الجزيرة العربية. تأسست في عهد الفاروق عمر عام 14 هجري الذي تم حينها بناء اللبن والطين وغرس النخل، وفي البصرة أنهار وفيرة حتى قال عنها أبو عثمان عمرو الجاحظ البصري: " ببركاتها الوفيرة وما تحمله من عجائب الخيرات والعطايا إذ يستسقي منها الضعفاء من أبواب دورهم وتأتيهم منافعهم فيها إلى منازلهم " . كانت البصرة حاضنة الشعر والفصاحة، وفيها فحول الشعراء كالفرزدق وجرير وبشار ابن برد وأبي نواس، ومن المتأخرين بدر السياب أيقونة الشعر الحر، الذي امتاز شعره بالعذوبة والرقة. ومحمود البريكان صاحب إرتصاف المعاني. المِربَد و سوق المِربَد هو من الأسواق القديمة، وكان سوقا للإبل حيث تُحبس فيه ولذلك سُميَّ المربد. الفراهيدي وأبو الأسود الدؤلي وعبدالله بن المقفع والجاحظ والكندي وسيبوية والأصمعي وغيرهم كانوا يترددون على هذه المربد. نُصبت مخيمات وسرداقات في المربد ليتبارى فيها الشعراء، وكانت الأعراب تغشى تلك المخيمات فيأخذ منهم اهل اللغة تصاريف الكلام وتفانيين المفردات. هكذا ترى في المربد اجتماع المتناقضات فالإعراب وجمالهم وأحمالهم، والاُدباء ومجالسهم، وأهل الثراء المحبين للشعر في سرادقهم. الِمربَد استلهم ماضي سوق عكاظ في مكة وورث دوره بعد الفتوح الإسلامية فكان عكاظ المسلمين. ياقوت الحموي المُتوفى سنة 626 هجري وهو شاعر ومؤرخ وخطاط رومي العرق يذكر في معجم البلدان: أن المِربد يبعد ثلاثة أميال عن البصرة (الزبير حاليا) ظل مزدهرا حتى بدايات القرن الخامس هجري. أُعيد احياء المربد أواخر الستينيات من القرن الماضي فتوافد علية الأدباء والشعراء كالجواهري ونزار قباني وفقيدنا الأديب الشاعر عبدالله بن إدريس وغيرهم كثير. حمل المِربَد لنا شعراً وفصاحة مذكراً لنا عروبته قديما وحديثا مُغالبّاً مخالب الفرْسنَة في العراق