استراتيجية سوق العمل التي وافق عليها مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي تعد أهم خطوة اتخذت لإصلاح سوق العمل السعودية، التي ظلت رغم المحاولات السابقة تستوعب أكثر من عشرة ملايين وافد، وترفض الشباب السعودي حتى المؤهلين من أشهر الجامعات العالمية بحجة عدم وجود الخبرة، التي يقدمها الوافد بشهادة لا سبيل إلى التأكد من صحتها. ولعدم حصولي على المعلومات حول الاستراتيجية، قررت أن أكتب مقالي اليوم عن حالة سوق العمل الحالية أي قبل الاستراتيجية الجديدة. وكما ذكرت سابقا، فإن وجود أكثر من عشرة ملايين وافد مع زيادة نسبة البطالة بين شبابنا رجالا ونساء، يعني أن هناك خللا لا بد من مواجهته بجدية وبخطوات عملية، انطلاقا من الأهداف العامة لوزارة الموارد البشرية التي تنص على "إيجاد بيئة عمل آمنة وجاذبة.. وتوفير فرص عمل لائقة للمواطنين". والمتابع عن قرب يجد أن سوق العمل السعودية قد تحولت خلال العقود الثلاثة الماضية إلى مركز تدريب كبير للأيدي العاملة الوافدة من الدول العربية ومن دول شرق آسيا، حيث يتقدم العامل والفني والمهندس وربما الطبيب والمساعد الطبي على أساس أن معه خبرة سابقة اعتمادا على شهادة خبرته، التي يحضرها من بلاده مصدقة بالكثير من الأختام ولا يتم التأكد من ذلك من أي جهة حكومية، أو شبه حكومية مثل هيئة المهندسين السعوديين التي حملت صاحب العمل مسؤولية التأكد من خبرات من يتم استقدامهم للعمل لديه، وبعد فترة من عمل الوافد أيا كانت مهنته في السعودية يستقطب للعمل في الدول المجاورة بضعف مرتبه إن لم يكن أكثر، لأنه تدرب في مصانع الجبيل وينبع أو غيرها من المصانع والشركات. وكم تعرضت معدات وأدوات غالية الثمن للعطل والتلف بسبب هؤلاء المتدربين القادمين من مختلف الدول، على أساس أنهم يملكون الخبرة العالية وتدفع لهم المرتبات المرتفعة، بينما أبناء وبنات الوطن تستلم مؤهلاتهم ومنهم من يحمل الماجستير من جامعات عالمية ثم يأتيهم الرد بالاعتذار، لأنه ليس لديهم خبرة سابقة، ومن أين تأتي الخبرة إذا كان حتى بعض مديري الموارد البشرية من الوافدين، والأقربون أولى بالمعروف. وأخيرا: الحل ننتظره من استراتيجية سوق العمل بعد الاطلاع على أهدافها ومكوناتها، لكن من المهم الإشارة إلى دور مهم يضطلع به صندوق الموارد البشرية "هدف"، ولا بد من مساعدته لإقناع أو إلزام القطاع الخاص على إنجاحه، وهو برنامج التدريب على رأس العمل "تمهير" الذي يهدف إلى استقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة وإكسابها الخبرات والمهارات اللازمة التي تحتاج إليها سوق العمل. ويمنح الصندوق مكافأة للمتدربين من حملة الدبلومات الفنية والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه وتتراوح مدة التدريب من ثلاثة إلى ستة أشهر، يتم خلالها التدريب لدى المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية، لاكتساب الخبرات والمهارات المطلوبة لسوق العمل، وتبقى القناعة بإحلال هؤلاء محل الوافدين كما حدث في البنوك السعودية بمتابعة وتدريب من البنك المركزي السعودي. نقلا عن (الاقتصادية)