توتر تركي فرنسي غير مسبوق شهدته جلسة للجمعية البرلمانية لحلف الناتو في تركيا، الجمعة (12 أبريل 2019م)، بين وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو والنائبة الفرنسية سونيا كريم. وأما سبب تلك المشادة الكلامية الحادة فمرده إلى “الإبادة الأرمنية” التي لطالما رفضت تركيا الاعتراف بها. وفِي التفاصيل، يبدو أن صدور مرسوم في الجريدة الرسمية في فرنسا يكرس يوم الرابع والعشرين من أبريل، مناسبة لإحياء ذكرى “إبادة الأرمن” التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى عام 1915، أغضب تركيا، فما كان من رئيس البرلمان التركي مصطفى شنتوب إلا أن شن هجوماً لاذعاً ضد فرنسا خلال افتتاح اجتماع الجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي في أنطاليا، متهما إياها ب”التلاعب بالتاريخ”، وحملها مسؤولية المجازر المرتكبة في الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية، وفي رواندا. كلام استدعى موقفاً من النائبة الفرنسية عن حزب “الجمهورية إلى الأمام”، سونيا كريمي، فعبرت عن صدمتها من الهجوم التركي، ورفضت رواية التاريخ “التي يكتبها الفائزون”. وجاء الرد هذه المرة من وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مهاجماً بعنف فرنسا وماكرون، وقال “من حيث الإبادة الجماعية والتاريخ، فرنسا هي آخر دولة يمكن أن تعطي دروساً لتركيا”. وأضاف: “يمكنكم أن تواصلوا النظر إلى الأمور من عليائكم، لكننا سنواصل العمل على إعادتكم إلى مكانكم”. إلا أن النائبة الفرنسية والوفد المشارك في الاجتماع، غادروا القاعة دون رد مباشر. وكتبت سونيا، فيما بعد على “تويتر” تغريدة عنيفة هاجمت فيها أوغلو، قائلة: “حين يسمح المتغطرس مولود تشاووش أوغلو لنفسه بإعطائكم دروسا في الغطرسة والأخلاق، بغطرسة وبقلة أخلاق”! وبطبيعة الحال لم ترق تلك الصفات لأوغلو، فما كان منه إلا أن “حظر” النائبة الفرنسية من “تويتر”. فعادت وردت كاتبة: “وزير الخارجية التركي حظرني على تويتر ، يا له من درس نيّر وجميل في الديمقراطية والدبلوماسية”. يُذكر أن الأرمن يؤكدون أن 1.5 مليون شخص من أسلافهم قتلوا بشكل منهجي قبيل انهيار الإمبراطورية العثمانية، فيما أقر عدد من المؤرخين في أكثر من 20 دولة بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا بوقوع إبادة، في حين ترفض تركيا الرواية الأرمنية، وتعتبر أن المجاعة والحرب الأهلية التي وقعت خلال نهاية العهد العثماني أدت إلى مقتل 500 ألف أرمني.