نشرت الصحفية سحر شاهين في 25 ديسمبر 2017 تحقيقاً مثيراً بعنوان: «61486 حالة زواج لقاصرات سنوياً وبالتحديد بين عامي 2007 و2016. وقد أثارت هذه الأرقام الشارع السعودي لعظم حجم أعداد الزوجات القاصرات، كما أثار التحقيق الهيئة العامة للإحصاء فخرج متحدثها الرسمي تيسير المفرج بعد ثلاثة أيام، لينفي صحة هذه الإحصاءات والمعلومات ويحيل أي باحث أو باحثة إلى الهيئة لعرض نتائج بحثهم عليها قبل نشره. وفي هذه العجالة المعتادة سوف أقوم باستعراض مدى صحة معلومات سحر شاهين وما يترتب على هذه الإحصائيات. وقبل البدء في ذلك ينبغي التنويه إلى أن قضية زواج القاصرات والمطالبة بإيقافها أو تقنينها قد تولاها مجلس الشورى خلال الأسابيع الماضية بناء على سنوات طويلة من المراجعة لوزارة العدل، ونتج عنها سجال لكنه حميد حيث تُرك للجنة أن تعيد صياغة المقترح بناء على ملاحظات الأعضاء لكن كان هناك توافق شبه تام على ضرورة ضبط زواج القاصرات. وقد رافق ما قدمنه وقدموه تقرير مفصل حول مخاطر زواج القاصرات وإخلاله بمنظومة الزواج القائم على المسؤولية المشتركة بين الزوجين والتي من غير الممكن أن تتحمل وطأتها طفلة وأثرها الشرعي والنفسي والاجتماعي والأمني. وتم استعراض العديد من الحجج والوثائق التي تدعم هذا الموقف. وبالعودة إلى الإحصاء فقد كانت لي جولة في المسح الديموغرافي الذي تُصدره الهيئة العامة للإحصاء لعام 2016 على موقع الهيئة: https://www.stats.gov.sa/ar/4522 والذي ظهر لي من خلال مراجعة قوائم الجداول للجدولين 20-2 و23 أن أعداد الإناث المتزوجات في أعمار 15، 16، 17 و18 بلغ خلال عام واحد: 21،860 ألف فتاة. وهو مختلف عن العدد التراكمي الذي اطلعت عليه سحر شاهين من تقرير مركاز الحوار الوطني، ووصل بين عامي 2007 و2016 إلى 61،468 ألف فتاة ، لكنه هو نفسه ما يشير إليه المتحدث الرسمي من أن هناك فرقاً بين التعداد السنوي والتراكمي وهو ما يمكن استخراجه من الجداول أيضاً، فضلاً عن إحصاءات أخرى مثل إحصاءات وزارة الصحة الخاصة بالزواج والتي استخرجت منها عضوة مجلس الشورى د. حنان الأحمدي عدداً آخر من القاصرات، هذه المرة، دون سن الخامسة عشرة ممن أجرين الفحص الطبي قبل الزواج بلغ 5922 فتاة أقل من 15 عاماً بين عامي 1432 إلى 1437، ونحو 514 فتاة أقل من 13 عاماً في ذات الفترة (عكاظ 9/1/2018). والأمر الذي كان أكثر إثارة للقلق والألم أن 823 فتاة بين الأعمار (15-19) «تطلّقن» في سنة واحدة (2016)، و199 فتاة «ترملن» أيضاً في سنة واحدة (جدول 17) أما عندما ننظر إلى الأمر تراكمياً فعدد المطلقات والمترملات في سن مبكرة يصل إلى أعداد أكثر إيلاماً. وكان على الهيئة أن تشرح المادة المنشورة على الإنترنت أو في أي وسيلة من وسائل النشر، لا أن تدافع عن عادات اجتماعية ظهرت آثارها واضحة في المسوحات العلمية التي قامت بها الهيئة وفق آلية متفق عليها في مجلس التعاون الخليجي. فليس دور الهيئة أن تطلب من الباحثات والباحثين أو الإعلاميين عرض ما يخرجون به عليهم لأخذ الموافقة قبل النشر، فيكفينا جهة واحدة تراجع وتجيز. الناتج من كل هذه المراجعات أن الأرقام تشير إلى حالة اجتماعية خطيرة ما زالت تهدد نسيجنا الاجتماعي وعلى حساب المرأة أو الطفلات القاصرات اللاتي يُكلّفن من سن مبكرة بمحاولة تأسيس أسرة وربما إنجاب ورعاية وهن من يحتجن الرعاية، وعندما يفشلن في ذلك يغدين مطلقات وهن لم يصلن العشرين، ناهيك عن المترملات ممن على الغالب تزوجن من رجال يكبرونهن في السن كثيراً وتركنهن في ألم ونعوتات اجتماعية ينؤون بحملها ومستقبل أصبح مجهولاً في ظل منع المتزوجات من إكمال تعليمهن النظامي إلا باستثناءات معقدة وتحويلهن إلى الليلي وغيرها من المتغيرات الصعبة. د. هتون أجواد الفاسي (نقلاً عن الرياض) الوسوم زواج القاصرات